حصول علمه به ، وهكذا أبواب نواهي الشرع كلها ، ولهذا لما بلغ أهل قبا ، أنّ القبلة قد حوّلت إلى الكعبة ، وهم في الصلاة ، داروا وبنوا على صلاتهم ، ولم يؤمروا بالإعادة ، وكذلك نهي الموكل وكيله عن التصرف ، ينبغي أن لا يتعلق به حكم في حقّ الوكيل ، إلا بعد العلم ، قال : وهذا القول أقوى من الأول ، وقد رجحناه في الكتابين (١).
قال محمّد بن إدريس : الأقوى عندي ما ذكره رحمهالله في نهايته (٢) ، فهو وجه الجمع بين الأحاديث ، وهو الذي حررناه واخترناه في كتابنا هذا ، وهو أنّه إذا قدر الموكّل ، على اعلام الوكيل بالعزل ، ولم يعلمه ، وأشهد على عزله ، وعزله ، لم ينعزل ، وكل أمر ينفذه فهو ماض على موكّله ، فأمّا إذا تعذر على الموكل إعلام وكيله بالعزل ، ولم يقدر على ذلك ، ولم يمكنه ، وأشهد حينئذ على عزله ، وعزله ، فقد انعزل ، وكلّ أمر ينفذه بعد ذلك فهو باطل ، غير ماض على موكّله ، فيحمل الأخبار على هذا الاعتبار ، وقد سلمت من التعارض ، وعمل بجميعها من غير إطراح لشيء منها.
وقوله رحمهالله : وقد رجحناه في الكتابين ، يعني تهذيب الأحكام ، والاستبصار ، أمّا تهذيب الأحكام فما رجح فيه شيئا ، بل أورد الأخبار (٣) ، وأطلق الإيراد ، من غير توسّط منه بينها ، وأمّا الإستبصار فما ذكر الباب جملة.
ومتى تعدّى الوكيل شيئا مما رسمه موكله ، كان ضامنا لما تعدى فيه ، فإن وكله في تزويجه امرأة بعينها ، فزوجه غيرها ، لم يثبت النكاح ، ولزم الوكيل نصف المهر المسمّى ، لأنّه غرّها ، هذا إذا قال الوكيل أنّه وكلني في العقد عليك ، ولم يقم له بينة بذلك.
فأمّا إذا صدقته المرأة على صحة قوله ووكالته ، فلا سبيل لها عليه ، لأنّها تقول ظلمني زوجي ، وليس لها أن تتزوج ، إلا بعد موته ، أو طلاقه ، أو فراقه.
__________________
(١) الخلاف : كتاب الوكالة ، المسألة ٣.
(٢) النهاية : كتاب الوكالة.
(٣) التهذيب : الباب ٨٦ من باب الوكالات.