وبما رواه الحسن قال : أتى عمر برجل قد طلّق امرأته ثلاثا بفم واحد ، فردّها عليه ، ثمّ أتى بعد ذلك برجل آخر قد طلّق امرأته ثلاثا بفم واحد ، فأبانها منه ، فقيل له : إنّك بالأمس رددتها عليه ، فقال : خشيت أن يتتايع ـ بالياء المنقطة من تحت بنقطتين يقال تتايع الناس في الشر ، وتتابع الناس في الخير ، بالباء المنقطة من تحتها نقطة واحدة ، التي قبل العين ، وفي الشر تتايع بنقطتين قبل العين ـ فيه السكران والغيران (١).
وروي عن ابن عباس رضياللهعنه ، أنّه كان يقول انّ الطلاق كان على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله وعهد أبي بكر وصدر من امارة عمر طلاق الثلاث واحدة ، ثمّ جعلها عمر بعد ذلك ثلاثا (٢).
وروى عكرمة عن ابن عباس ، قال : طلّق ركانة ـ بالراء المضمومة ، والنون ـ ابن عبد ربه ، امرأته ثلاثا في مجلس واحد ، فحزن عليها حزنا شديدا ، فسأله رسول الله صلىاللهعليهوآله كيف طلقتها؟ قال : طلقتها ثلاثا فقال : في مجلس واحد قال : نعم ، قال عليهالسلام : انّما تلك واحدة ، فراجعها إن شئت ، قال : فراجعتها (٣).
والأخبار المعارضة لأخبارهم أكثر من أن تحصى ، أو تستقصى.
ودليل آخر على أصل المسألة ، وهو أن يقال الطلاق الثلاث بلفظ واحد في حالة واحدة من غير أن يتخلله مراجعة ، لا يقع منه إلا واحدة ، والدليل على ذلك من كتاب الله تعالى ، ومن سنّة نبيه صلىاللهعليهوآله ، ومن إجماع المسلمين ، ومن قول أمير المؤمنين عليهالسلام ، ومن قول ابن عباس رحمهالله ،
__________________
وأشار إليه أبو داود في سننه في كتاب الطلاق ، الباب ٤ ( الرقم ٢١٨٥ ).
(١) لم نعثر عليه.
(٢) التاج : ج ٢ ، كتاب النكاح والطلاق والعدّة ص ٣٤٠. سنن أبي داود : الباب ١٠ من كتاب الطلاق ، ح ٥ و ٦ ( الرقم ٢١٩٩ و ٢٢٠٠ ).
(٣) أورده في هامش التاج ، ج ٢ ، ص ٣٤٠ : الفتح الرباني : كتاب الطلاق ، الباب ٣ ، ح ١ ، قالوا :
وسند الحديث صحيح عند احمد بن حنبل وغيره.