عنه ، لأنّه قد حصل بالمواضع ، وفعل أفعال الحج بنفسه ، إلا الهدي ، إن كان اشتراه بعين المال المغصوب ، فلا يجزيه عن هديه الواجب عليه ، ووجب عليه شراء هدي ، أو الصوم بدلا عنه ، عند تعذر القدرة عليه ، إلا أنّه لا يفسد عليه حجّه ، لأن الهدي ليس بركن.
وكلّ شيء من المطعوم والمشروب ، يمكن للإنسان اختباره من غير إفساد له ، كالأدهان الطيبة المستخبرة بالشم ، وصنوف الطيب ، والحلاوات ، والحموضات ، فقد روي أنّه لا يجوز بيعه بغير اختباره (١) ، فإن بيع من غير اختبار له ، كان البيع غير صحيح ، والمتبايعان فيه بالخيار ، فإن تراضيا بذلك ، لم يكن به بأس.
وهذه الرواية ، يمكن العمل بها على بعض الوجوه ، وهو أنّ البائع لم يصفه ، فإذا لم يصفه يكون البيع غير صحيح ، لأنّه ما يعرف بمشاهدته إذا طعمه (٢) ، فلا بدّ من وصفه ، فأمّا إذا وصفه ، وضبطه بالوصف ، فالبيع صحيح ، ويعتبر فيه ما اعتبرناه في بيع خيار الرؤية ، في المرئيات ، لأنّه لا يمكن معرفته بالرؤية ، بل بالطعم ، فإن وجد طعمه أو ريحه كما وصف البائع له ، فلا خيار له ، وإن وجده بخلاف وصف بايعه ، كان بالخيار ، ولا دليل على بطلان هذا العقد ، لأنّ الله تعالى ، قال « أَوْفُوا بِالْعُقُودِ » وقال تعالى « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا » وهذا بيع.
ويمكن أن يقال أنّ بيع العين ، المشاهدة المرئية لا يجوز أن تكون موصوفا ، لأنّه غير غائب ، فيباع بيع خيار الرؤية بالوصف ، فإذن لا بد من شمّه ، وذوقه ، لأنّه حاضر ، مشاهد ، غير غائب ، فيحتاج إلى الوصف ، فهذا وجه قويّ.
وما لا يمكن اختباره إلا بإفساده وإهلاكه ، كالبيض ، والبطيخ ، والقثاء ، والرمان ، وأشباه ذلك ، فابتياعه جائز مطلقا ، وبشرط الصحة ، أو البراءة من العيوب ، فإن اشتراه مطلقا ، أو بشرط الصحة ، ثمّ كسره المبتاع ، فإن وجد فيه
__________________
(١) الوسائل : الباب ٢٥ من أبواب عقد البيع وشروطه ، وفي النهاية : كتاب التجارة ، باب بيع الغرر والمجازفة.
(٢) ل. ق : بمشاهدته طعمه.