ومتى باع الإنسان نخلا قد أبّر ، كانت ثمرته للبائع ، دون المبتاع ، إلا أن يشترطها المبتاع ، فإن شرطها في حال العقد ، كانت له على ما شرط ، فأمّا إن باعها قبل التأبير ، فهي للمبتاع ، إلا أن يشترطها البائع ، ولا اعتبار عند أصحابنا بالتأبير ، إلا في النخل ، فأمّا ما عداه ، فمتى باع الأصول وفيها ثمرة ، فهي للبائع ، إلا أن يشترطها المبتاع ، سواء لقّحت ، وأبّرت ، أو لم تلقّح ، لأنّ العقد ما وقع إلا على نفس الأصل ، دون الثمرة ، ولأنّ الأصل والثمرة جميعا ، ملك للبائع ، فبالعقد انتقل الأصل إلى ملك المبتاع ، ولا دليل على انتقال الثمرة ، فبقيت على ما كانت في ملك البائع ، وإلحاق ذلك واعتباره بالتأبير بالنخل ، قياس لا نقول به ، لأنّه عندنا باطل ، فليلحظ ذلك.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : ومتى باع الإنسان نخلا ، قد أبرّ ولقّح ، كانت ثمرته للبائع ، دون المبتاع ، إلا أن يشرط المبتاع الثمرة ، فإن شرّط ، كان له على ما شرط ، وكذلك الحكم فيما عدا النخل ، من شجر الفواكه (١).
قوله رحمهالله : وكذلك الحكم فيما عدا النخل من شجر الفواكه ، المراد به ومقصوده ، أنّ الثمرة للبائع ، كما قال ذلك في النخل ، لأنّه رحمهالله لم يذكر في النخل إلا أنّها أعني ثمرتها ، إذا أبرت ولقحت للبائع ، ولم يذكر المسألة الأخرى التي تكون الثمرة للمبتاع ، وهي إذا لم تؤبّر وتلقح تكون للمبتاع ، إلا من حيث دليل الخطاب ، ودليل الخطاب متروك ، غير معمول به ، عند المحققين (٢) من أصحابنا إلا أن يقوم دليل غيره ، وبالإجماع عرفنا أنّها إذا لم تؤبر الثمرة وباع الأصول فإن الثمرة للمبتاع في النخل ، بقي المعطوف عليه في قوله رحمهالله : « وكذلك الحكم فيما عدا النخل من شجر الفواكه » في أن الثمرة للبائع ، لأنّه ما ذكر إلا ما يختص بالبائع ، وأنّها له ، ثم عطف ما عد النخل على النخل ، بعد
__________________
(١) النهاية : كتاب التجارة ، باب بيع الثمار.
(٢) ج : المحصّلين.