إذا كان له أربع زوجات ، إحداهن صغيرة لها دون الحولين ، وثلاث كبار لهن لبن ، فأرضعت إحدى الكبار هذه الصغيرة ، انفسخ نكاحهما معا ، فإذا أرضعتها الثانية من الكبار ، انفسخ نكاحها ، لأنّها أم من كانت زوجته ، فإن أرضعتها الثالثة ، انفسخ نكاحها ، لأنّها أم من كانت زوجته.
وروي في أخبارنا أنّ هذه لا تحرم ، لأنّها ليست زوجته في هذه الحال ، وانّما هي بنته والذي قدّمناه هو الذي يقتضيه أصولنا ، لأنّها من أمهات نسائه ، وقد حرّم الله تعالى أمّهات النساء ، وهذه كانت زوجته بلا خلاف.
والرضاع لا يثبت إلا ببينة عادلة ، ولا يقبل فيه شهادة النساء على الصحيح من أقوال أصحابنا.
قال شيخنا أبو جعفر في نهايته : وإذا ادّعت المرأة انّها أرضعت صبيا لم يقبل قولها ، وكان الأمر على أصل الإباحة (١).
قال محمّد بن إدريس : إن أراد بذلك بعد العقد عليها فصحيح ما قال ، لأنّها ادّعت شيئا يفسخ عقده عليها ، فلا يقبل إقرارها في حقّه ، فأمّا إن ادّعت وأقرّت قبل العقد عليها بأنّه ابنها من الرضاع ، وانّها محرمة عليه ، فلا يجوز العقد وتزويجه بحال ، لأنّ هذا إقرار على نفسها.
وإذا أرضعت المرأة صبيين ، ولكلّ واحد منهما اخوة وأخوات ، ولادة أو رضاعا من غير الرجل الذي رضعا من لبنه ، جاز التناكح بين اخوة وأخوات هذا واخوة وأخوات ذاك ، ولا يجوز التناكح بينهما ، أنفسهما ، ولا بين إخوتهما وأخواتهما من جهة لبن الرجل الذي رضعا من لبنه ، حسب ما قدّمناه.
وروي أنّه إذا ربت المرأة جديا بلبنها ، فإنّه يكره لحمه ولحم كل ما كان من نسله عليها ، وليس ذلك بمحظور.
__________________
(١) النهاية : كتاب النكاح ، باب مقدار ما يحرم من الرضاع وأحكامه.