حكم الوطء الحرام ، وعند الشافعي ينشر تحريم المصاهرة ، ولا يثبت به حرمة المحرم ، وإن كان شيخنا قد أورد ذلك في مبسوطة (١) ، فهو رأي الشافعي ، لا رأي الإمامي.
وقد قلنا أنّه لا يجوز أن يجمع بين الأختين في نكاح الدوام ولا النكاح المؤجل.
فإن عقد عليهما في حالة واحدة ، كان مخيّرا في أن يمسك أيتهما شاء ، على ما روي في بعض الأخبار (٢) ، أورده شيخنا أبو جعفر في نهايته (٣).
والذي تقتضيه أصول المذهب ، أنّ العقد باطل ، يحتاج أن يستأنف عقدا على أيّهما شاء ، على ما قدّمناه ، لأنّه منهي عنه ، والنهي يدلّ على فساد المنهي عنه ، بلا خلاف بين محققي أصحاب أصول الفقه ، ومحصّلي هذا الشأن.
وشيخنا فقد رجع في مبسوطة (٤) عما أورده في نهايته ، وهو محجوج بقوله : فان عقد على امرأة ، ثمّ عقد على أختها ، كان العقد على الثانية باطلا ، فإن وطأ الثانية ، فرّق بينهما ، وروي (٥) أنّه لا يرجع إلى نكاح الأوّلة حتى تخرج التي وطأها من عدتها (٦) ، ولا دليل على صحة هذه الرواية.
والذي تقتضيه أصول المذهب ، أنّه لا يمتنع من وطء امرأته الأولى ، لأنّه غير جامع بين الأختين ، لأنّ عدّة الثانية لغيره ، وهي عدة بائنة ، لا رجعة له عليها فيها ، فإذا لم يكن مانع من كتاب الله ، ولا إجماع ، ولا سنّة ، ولا دليل عقل ، بل الكتاب والعقل والسنّة يحكم بما ذكرناه ، لأنّ الأصل الإباحة وقوله تعالى : ( إِلّا
__________________
(١) المبسوط : ج ٤ ، كتاب النكاح ، ص ٢٠٣ ، والعبارة هكذا : والوطي شبهة ينشر تحريم المصاهرة
(٢) الوسائل : الباب ٢٥ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
(٣) النهاية : كتاب النكاح ، باب ما أحلّ الله من النكاح وما حرّم منه.
(٤) المبسوط : ج ٤ ، كتاب النكاح ، ص ٢٠٦.
(٥) الوسائل : الباب ٢٦ ، من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ح ١.
(٦) إلى هنا ينتهي كلام الشيخ قدسسره في النهاية : كتاب النكاح ، باب ما أحلّ الله من النكاح وما حرّم منه.