البيع ، وهو تجاوز الحدّ في السعر ، إلى الزيادة ، ومنه السائمة من الإبل الراعية ، لأنّها تجاوز حدّ الإثبات للرعي ، هذا آخر كلام شيخنا في التبيان في معنى السوم (١) فصح ما قلناه ، أنّه الزيادة والارتفاع في الثمن.
ولا يجوز أن يبيع حاضر لباد ، ومعناه أن يكون سمسارا له ، بل يتركه أن يتولّى لنفسه ، ليرزق الله بعضهم من بعض ، فإن خالف أثم ، وكان بيعه صحيحا ، وينبغي أن يتركه في المستقبل ، هذا إذا كان ما معهم ، يحتاج أهل الحضر إليه ، وفي فقده إضرار بهم ، فأمّا إذا لم يكن بهم حاجة ماسة إليه ، فلا بأس أن يبيع لهم ، هكذا ذكره شيخنا أبو جعفر في مبسوطة (٢) وكذلك الفقيه ابن البراج في مهذبه (٣).
وهذا هو الصحيح الذي لا خلاف فيه بين العلماء ، من الخاص والعام ، وبين مصنّفي غريب الأحاديث ، من أهل اللغة ، كالمبرد ، وأبي عبيد ، وغيرهما ، فانّ المبرد ، ذكر ذلك في كاملة : فلا يتوهم متوهم ، أنّ المراد بقوله عليهالسلام : ولا يجوز أن يبيع حاضر لباد (٤) معناه أنّه لا يبيع الحاضر البادي ، أو لا يبيع الحاضر على البادي ، وهذا لا يقوله من له أدنى تحصيل ، فانّي شاهدت بعض متفقهة أصحابنا ، وقد اشتبه عليه ذلك ، وقال : المراد به ، ما أوردته أخيرا ، من أنّه لا يبيع حاضر شيئا على باد ، وهذا غاية الخطأ ، ومن أفحشه ، وهل يمنع من أن يبيع حاضر على البادي ، أحد من المسلمين ، ولو أراد ذلك عليهالسلام لما قال : ولا يجوز أن يبيع حاضر لباد ، بل كان يقول : ولا يجوز أن يبيع حاضر على
__________________
(١) التبيان : ج ٦ ذيل الآية ١٠ ، من سورة النحل.
(٢) المبسوط : كتاب البيوع ، فصل في بيع الغرر ، ج ٢ ، ص ١٦٠.
(٣) المهذب : لم نجده في المطبوع طبع المؤسسة.
(٤) الوسائل : الباب ٣٧ من أبواب آداب التجارة ، ح ١ ـ ٣ ، ولفظ الحديث هكذا : لا يبيع حاضر لباد.