وهذا هو الصحيح ، دون ما ذكره في نهايته ، لأنّ ذلك على ظاهره غير مستقيم ، لأنّ الزيادة في حال النداء غير محرمة ، ولا مكروهة ، فأمّا الزيادة المنهي عنها ، هي عند الانتهاء ، وسكون نفس كلّ واحد من البيعين على البيع ، بعد استقرار الثمن ، والأخذ ، والشروع في الإيجاب والقبول ، وقطع المزايدة ، فعند هذه الحال ، لا يجوز السوم على سوم أخيه ، لأنّ السوم في البيع ، هو الزيادة في الثمن ، بعد قطعه ، والرضا به ، بعد حال المزايدة ، وانتهائها ، وقبل الإيجاب والقبول ، لقوله عليهالسلام : لا يسوم الرجل على سوم أخيه.
فأمّا إذا باع إنسان من غيره شيئا ، وعقد العقد بالإيجاب والقبول ، وهما بعد في المجلس ، ولكلّ واحد منهما الخيار في الفسخ ، فجاء آخر يعرض على المشتري سلعة ، مثل سلعته ، بأقل منها ، أو خيرا ، ليفسخ ما اشتراه ، أو يشترى منه سلعة ، فهذا محرم ، غير أنّه متى فسخ الذي اشتراه ، انفسخ ، وإذا اشترى الثاني كان صحيحا ، وإنّما قلنا انّه حرام ، لقوله ونهيه عليهالسلام : لا يبيعن أحدكم على بيع أخيه (١).
وكذلك الشراء بعد البيع محرم ، وهو أن يعرض على البائع ، أكثر من الثمن الذي باعه به ، فإنّه حرام ، لأنّ أحدا لم يفرق بين المسألتين.
وقال شيخنا أبو جعفر ، في تفسير القران ، في تفسير قوله تعالى ( وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ ) (٢) أي ترعون ، يقال : اسمت الإبل ، إذا رعيتها ، وقد سامت ، تسوم ، فهي سائمة ، إذا رعت ، وأصل السوم الابعاد في المرعى ، والسوم (٣) في البيع الارتفاع في الثمن (٤).
وقال في موضع آخر من التبيان : أصل السوم ، مجاورة الحد ، فمنه السوم في
__________________
(١) سنن النسائي : كتاب البيوع ، ج ٧ ، ص ٢٥٨ ، وفيه : لا يبيع أحدكم على بيع أخيه.
كنز العمال : كتاب البيوع ، الفصل الثاني ، الفرع ٥ أخرجه عن النسائي والبخاري وابن ماجة ، ج ٤ ، ص ٦٩. وفي المبسوط كتاب البيوع ج ٢ ، ص ١٦٠ : لا يبيع بعضكم على بيع.
(٢) النحل : ١٠
(٣) ج : الابعاد ، والسوم.
(٤) التبيان : ج ٦ ، ذيل الآية ١٠ ، من سورة النحل.