ويكره تبييت العدوّ ليلا ، وانّما يلاقون بالنهار ، وهذا مع الاستظهار ، على ما قدّمناه.
ويستحب أن لا يؤخذ في القتال إلا بعد زوال الشمس ، فإن اقتضت المصلحة تقديمه قبل ذلك ، فلا بأس.
ولا يجوز التمثيل بالكفار ، ولا الغدر بهم ، ولا الغلول (١) منهم.
ولا ينبغي تغريق المساكن والزروع ، ولا قطع الأشجار المثمرة في أرض العدو ، والإضرار (٢) بهم ، إلا عند الحاجة الشديدة إلى ذلك ، على ما أسلفنا القول فيه وشرحناه.
وقال بعض أصحابنا (٣) إنّه ليس للأعراب من الغنيمة شيء ، وإن قاتلوا مع المهاجرين ، وهذه رواية شاذّة ، مخالفة لأصول مذهب أصحابنا ، أوردها شيخنا أبو جعفر في نهايته في باب الزيادات (٤) ، وهذا يدلّ على وهنها عنده ، لأنّه لا خلاف بين المسلمين أن كل من قاتل من المسلمين ، فإنّه من جملة المقاتلة ، وانّ الغنيمة للمقاتلة ، وسهمه ثابت في ذلك ، فلا يخرج من هذا الإجماع ، إلا بإجماع مثله ، أو دليل مكاف له ، ولا يرجع فيه إلى أخبار آحاد لا توجب علما ولا عملا.
باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
ومن له إقامة الحدود والقضاء والحكم بين المختلفين ومن ليس له ذلك
الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر واجبان بلا خلاف بين الأمة ، وإنما الخلاف في أنّهما هل يجبان عقلا أو سمعا؟ فقال الجمهور من المتكلمين والمحصّلين من الفقهاء : إنّهما يجبان سمعا ، وأنّه ليس في العقل ما يدلّ على وجوبهما ، وانّما علمناه بدليل الإجماع من الأمة ، وبآي من القرآن (٥) والأخبار
__________________
(١) الغلول : الخيانة.
(٢) ج : للإضرار.
(٣) وهو الشيخ الطوسي قدسسره في النهاية ، باب قسمة الفيء.
(٤) النهاية : كتاب الجهاد ، باب قتال أهل البغي والمحاربين.
(٥) آل عمران : ١٠٤ ، ١١٠ ، ١١٤ والأعراف : ١٥٧ والتوبة : ٧١ ، ١١٢ والحج : ٤١ وغيرها توجد في مظانها.