ويجوز إقراض الحيوان ، رقيقا كان أو غيره فإذا استقرض جارية تنعتق عليه بالملك ، فإنّه إذا قبضها عتقت عليه ، وليس له ردّها على المقرض ، ولا له المطالبة بها ، لأنّا قد بيّنا أنّه يملك بالقبض ، وإذا ملك انعتقت عليه.
وإذا كان لرجل على غيره مال حالا ، فأجّله فيه ، لم يصر مؤجّلا ، ويستحب له أن يفي به ، ويؤخر المطالبة إلى محلّه ، فإن لم يفعل ، وطالب به في الحال ، كان له ، سواء كان الدين ثمنا ، أو اجرة ، أو صداقا أو كان قرضا ، أو أرش جناية.
وكذلك إن اتفقا على الزيادة في الثمن ، لا يصحّ ، ولم يثبت ، وإن حط من الثمن شيئا ، أو حط جميعه ، يصح ، وكان إبراء ولا يلحق بالعقد ، وانّما هو إبراء في الوقت الذي أبرأه منه.
وإذا استقرض الإنسان شيئا ، كان عليه زكاته ، إذا كانت الشرائط فيه موجودة ، ويسقط زكاته عن القارض ، لأنه ليس بملك له.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : إلا أن يشرط المستقرض عليه أن يزكيه عنه ، فحينئذ يجب الزكاة على القارض ، دون المستقرض (١).
قال محمّد بن إدريس مصنف هذا الكتاب : وهذا غير واضح ، لأنّه لا دليل عليه ، لأنّا قد بينا أن بالقبض يملك المستقرض المال ، ويخرج من ملك القارض ، فكيف يشترط أن يزكى مال الغير ، ولا خلاف أنّ الزكاة تجب على أرباب الأموال ، دون غيرهم ، وأيضا كل شرط يخالف الكتاب والسنة فهو باطل ، وهذا يخالف الكتاب والسنة ، ولم يرد به حديث في باب القرض ، فانّ شيخنا أبا جعفر رحمهالله ما أورد في تهذيب الأحكام ، وهو أكبر كتاب له في الأحاديث ، في باب القرض حديثا بما ذكره في نهايته ، والأصل براءة الذمة ، ووجوب الزكاة على رب المال ، دون غيره.
وإذا أقرض الإنسان مالا ، فرد عليه أجود منه ، من غير شرط ، كان ذلك
__________________
(١) النهاية : كتاب الديون والكفالات ، باب القرض وأحكامه.