وعقاره ما عدا داره ، وكذلك للحاكم أن يبيع عليه ماله الظاهر قبل حبسه ، وإنّما له حبسه إذا لم يكن له مال ظاهر ، ولا قامت له بيّنة بالإعسار. فله حبسه حتى يستبين حاله ، فانّ الغرض في ذلك استخلاص الحقّ لصاحبه ، دون الحبس.
وإن كان من وجب عليه الدين ، وثبت عند الحاكم غائبا ، وجب على الحاكم بعد سؤال صاحب الحقّ ومطالبته أن يبيع على الغائب شيئا من أملاكه ، غير أنّه لا يسلمه إلى خصمه إلا بعد كفلاء ، فإن حضر الغائب ولم يكن له بيّنة ، تبطل بينة صاحب الدين ، برئت ذمته ، وذمّة الكفلاء من الكفالة ، وإن كانت له بيّنة تبطل بينة صاحب الحق ، رد الكفلاء عليه المال ، ويبطل البيع إن كان قد باع شيئا من أملاكه ، لأنّ الحاكم يفعل على ظاهر الأحوال ، فإن تبين له الحق ردّ (١) ما فعله إليه.
ومتى كان المدين معسرا ، لم يجز لصاحب الدين مطالبته ، والإلحاح عليه ، بل ينبغي له أن يرفق به ، ويجب عليه أن ينظره إلى أن يوسع الله عليه ، أو يبلغ خبره الإمام ، فيقضي دينه عنه ، من سهم الغارمين إذا كان قد استدانه وأنفقه في طاعة أو مباح ، وكذلك إذا لم يعلم في أي شيء أنفقه ، فأمّا إذا علم أنّه أنفقه في المعاصي ، فلا يجوز له أن يقضي عنه من سهم الغارمين ، ويجوز أن يعطي هو من سهم الفقراء إذا كان عدلا مستحقا للزكاة.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : وإن كان لا يعلم في ما ذا أنفقه ، أو علم أنّه أنفقه في معصية لم يجب عليه القضاء عنه (٢).
وهذا غير واضح ، لأنّه رضياللهعنه ، جعل عدم العلم في ما ذا أنفقه مثل العلم بأنّه أنفقه في معصية ولا ينبغي أن يحمل الأمور إلا على الحلال والصحة ، دون الفساد ، وانّما تعبدنا
__________________
(١) ج : نقض.
(٢) النهاية : باب وجوب قضاء الدين إلى الحي والميّت.