بقلعها على أن يضمن له أرش النقصان ، لأنّها موضوعة على حائط نفسه ، فأحد الطرفين على أحدهما ، والطرف الآخر على الآخر ، فلو أجبرناه على القلع على هذا الوجه ، كان ذلك إجبارا على قلع جذوعه من ملكه ، وليس كذلك الغراس ، لأنّها في ملك غيره.
إذا أذن له في غرس شجرة في أرضه ، فغرسها ثم قلعها ، فهل يعيد أخرى أم لا؟ الصحيح أنّه ليس له الإعادة إلا بإذن مجدّد ، وكذلك إذا أعاره حائطا ، فوضع عليه جذوعا ، ثم انكسر الجذع ، فليس له اعادة غيره ، إلا بإذن مجدّد (١).
إذا كان لإنسان حبوب ، فحملها السيل إلى أرض رجل ، فنبتت فيها ، كان ذلك الزرع لصاحب الحب ، لأنّه عين ماله ، كما نقول فيمن غصب حبا ، فزرعه ، أو بيضا فحضنها عنده ، وفرخت ، فانّ الزرع والفراخ للمغصوب منه ، لأنّهما عين ماله ، إذا ثبت هذا فليس عليه أجرة الأرض ، لأنّها حصلت فيها بغير صنع منه ، ولصاحب الأرض مطالبة صاحب الحبّ بقلعه من غير أرش ، لأنّه لم يأذن له في ذلك ، كما نقول في شجرة إذا تشعبت أغصانها ، ودخلت في ملك لغيره ، فانّ لصاحب الملك أن يجبره على قلعها ، إذا لم يمكن تحويلها من غير قلع.
ولا يجوز إجارة العارية لأنّه لا يملك منافعها بعقد الإجارة (٢) وكذلك لا يجوز له إعارتها ، لأنّه أذن له في الانتفاع بها على وجه مخصوص ، وكذلك إذا قدم له طعام ليأكله ، فله أن يأكل ، ولا يجوز له أن يلقم غيره ، ولا أن يزل منه معه ، لأنّه لم يؤذن له في ذلك ، يقال : أزلّ فلان لفلان زلّة ، إذا جعل له نصيبا من طعامه.
باب الوديعة
الوديعة مشتقة من ودع يدع ، إذا استقرّ وسكن ، والوديعة عقد جائز من الطرفين ، من جهة المودع متى شاء أن يستردها فعل ، ومن جهة المودع متى شاء أن يردها فعل.
__________________
(١) ج : مجدّد إذا لم تكن المدة معينة
(٢) ل : بعقد العارية.