وإذا أذن صاحب الأرض للمستعير في الغراس أو البناء ، فزرع ، جاز له ، لأنّ ضرر الزرع أخف من ضرر ما أذن له فيه ، ولا يجوز له الغراس والبناء إذا أذن له في الزرع ، لأنّ ضرر ذلك أكثر ، والإذن في القليل لا يكون إذنا في الكثير ، وكذا لا يجوز له أن يزرع الدخن ، أو الذرة ، إذا أذن له في زرع الحنطة ، لأنّ ضرر ذلك أكثر. ويجوز له أن يزرع الشعير ، لأنّ ضرره أقل.
وإذا أراد مستعير الأرض للغراس والبناء قلعه ، كان له ذلك ، لأنّه عين ماله ، وإذا لم يقلعه ، وطالبه المعير بذلك بشرط أن يضمن له أرش النقص ، وهو ما بين قيمته قائما ومقلوعا ، اجبر المستعير (١) ، على ذلك ، لأنّه لا ضرر عليه فيه ، وليس للمستعير أن يطالب بالتبقية ، بشرط أن يضمن أجرة الأرض ، فإن طالبه المعير بالقلع من غير أن يضمن أرش النقصان ، لم يجبر عليه ، لأنّه لا دليل على ذلك ، ويحتج على المخالف فيه بما رووه من قوله عليهالسلام : « من بنى في رباع قوم بإذنهم فله قيمته » (٢).
وإذا أعار شيئا بشرط الضمان ، فردّه المستعير إليه ، أو إلى وكيله ، بريء من ضمانه ، ولا يبرء إذا ردّه إلى ملكه ، مثل أن يكون دابة ، فشدّها على إصطبل صاحبها ، لأنّ الأصل شغل ذمته هاهنا ، ومن ادّعى أنّ ذلك يبرئ ذمّته ، فعليه الدليل.
ومن استعار شيئا ورهنه ، كان لصاحبه أن يأخذه من عند المرتهن ، ولم يكن له منعه منه ، وكان له أن يرجع على الراهن بما له عليه من المال.
إذا استعار أرضا للزرع فزرع فيها ، ثمّ رجع المعير قبل أن يدرك الزرع ، وطالبه بالقلع ، فإنّه يجبر على التبقية ، لأنّ الزرع لا يتأبّد ، وله وقت ينتهي إليه ، فأجبرناه على التبقية ، ومنهم من قال : حكمه حكم الغراس ، سواء.
إذا أعاره حائطا ليضع عليه جذوعه ، فوضعها عليه ، لم يكن له أن يطالبه
__________________
(١) ج : المستعير ، إذا لم تكن المدّة معيّنة.
(٢) كنز العمال : ج ١٠ ، كتاب الغصب ، ص ٦٤٣. أخرجه عن سنن البيهقي وغيره وعن أبي عدي في الكامل.