وإن لم يمض ، كان باطلا (١).
إلا أنّه رحمهالله رجع عن هذا في الجزء الثاني من مسائل خلافه ، فقال : مسألة ، إذا باع إنسان ملك غيره بغير إذنه ، كان البيع باطلا ، وبه قال الشافعي ، وقال أبو حنيفة : ينعقد البيع ويقف على إجازة صاحبه ، وبه قال قوم من أصحابنا ، قال رحمهالله : دليلنا إجماع الفرقة ومن خالف منهم لا يعتد بقوله ، وأنّه لا خلاف أنّه ممنوع من التصرّف في ملك غيره ، والبيع تصرّف ، وأيضا روى حكيم عن النبي عليهالسلام ، أنّه نهى عن بيع ما ليس عنده (٢) ، وهذا نص ، وروى عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن النبي عليهالسلام ، أنّه قال : لا طلاق إلا فيما يملك ، ولا عتق إلا فيما يملك ، ولا بيع إلا فيما يملك (٣) ، فنفى عليهالسلام البيع من غير الملك ، ولم يفرّق ، هذا أخر كلام شيخنا (٤).
فانظر يرحمك الله ، إلى قوله رحمهالله : « دليلنا إجماع الفرقة ، ومن خالف منهم لا يعتد بقوله » فلو كان ما ذكره في نهايته جميعه حق وصواب كيف كان يقول لا يعتد بقوله ، وهو القائل به في نهايته ، وانّما يورد أخبار آحاد لا توجب علما ولا عملا ، فيتوهم المتوهم ، ويظن الظان ، أنّ ذلك اعتقاده وفتواه ، وأنّه يعمل بأخبار الآحاد ، ولو كان ما ذكره في نهايته حقا وصوابا ، وعليه أدلة ، ما رجع عنه ، ولا استدل على خلافه.
وإذا باع ما يملك وما لا يملك ، في صفقة واحدة ، وعقد واحد ، مضى البيع فيما يملك ، وكان فيما لا يملك باطلا ، حسب ما قدّمناه ، واخترناه ، وكذلك إذا باع ما يجوز بيعه ، من جملة ما يملك وما لا يجوز بيعه من المحرّمات ، مضى البيع فيما يصح بيعه ، وبطل فيما لا يصح البيع فيه.
__________________
(١) النهاية : كتاب التجارة ، باب الشرط في العقود.
(٢) و (٣) مستدرك الوسائل : الباب ١ من أبواب عقد البيع وشرطه ، الحديث ٣ ـ ٤ باختلاف يسير.
(٤) الخلاف : كتاب البيوع ، المسألة ٢٧٥.