مثال الأول ، باع ملكه وملك غيره بثمن واحد ، في عقد واحد ، ومثال الثاني ، باع شاة مملوكة له ، وخنزيرا ، وهو مسلم ، في عقد واحد بثمن واحد ، فإن البيع في المملوك صحيح ، والبيع في غير المملوك ، وفي غير المحلل للمسلم تملكه باطل.
فإذا تقرر هذا ، فالمشتري بالخيار بين أن يردّ الصفقة جميعها ، أو يمسك ما يصح فيه البيع ، بما يخصّه من الثمن الذي يتقسط عليه ، مثاله باع شاة وخنزيرا بثلاثة دنانير ، فإنّ الثمن يتقسط على قدر قيمة الشاة ، وقيمة الخنزير عند مستحليه ، فيقال : كم قيمة الشاة؟ فيقال : قيراطان ، ويقال : كم قيمة الخنزير؟ فيقال : قيراط ، فيرجع بثلث الثمن ، وهو دينار ، وبالعكس من ذلك ، أن يقال : قيمة الشاة قيراط ، وقيمة الخنزير عند مستحليه قيراطان ، فيرجع المشتري بثلثي الثمن ، وهو ديناران.
وكذلك في ملكه وملك الغير ، إذا باعهما معا في عقد واحد ، بثمن واحد ، فبحساب ما صوّرناه ، لا يختلف الحكم في ذلك ، فالاعتبار بالقيم ، ويرجع في الأثمان بحسب القيمتين.
وقال شيخنا في نهايته : وإذا باع فلا ينعقد البيع ، إلا بعد أن يفترق البيعان ، بالأبدان ، فإن لم يفترقا ، كان لكلّ واحد منهما فسخ البيع ، والخيار (١).
قال محمّد بن إدريس : هذه عبارة موهمة غير واضحة ، كيف يقال : فإذا باع فلا ينعقد البيع ، وهذا كالمتناقض ، فإنّه إذا باع انعقد البيع ، وإن كان ما باع فما انعقد البيع ، وإنما مراد شيخنا في هذا الموضع ، أنّ البيع ، إذا لم يفترقا بالأبدان ، لم يلزم كل واحد منهما ، بل لكلّ واحد منهما الخيار في فسخه وإمضائه ، فإذا بالأبدان ، لزم واستقرّ من كل واحد منهما ، وليس لكل واحد منهما الخيار ، إلا أن يظهر عيب في المبيع ، قبل عقدة البيع ، فيكون المشتري بالخيار ، بين الرد
__________________
(١) النهاية : كتاب التجارة ، باب الشرط في العقود.