والملّاح ضامن لما يحمله إذا غرق بتفريط من جهته ، فإن غرقت السفينة بالريح أو غير ذلك من غير تفريط منه ، لم يكن عليه شيء.
والمكاري مثل الملّاح ، يضمن ما يفرّط فيه ، وما لا تفريط فيه ، لم يكن عليه شيء في هلاكه.
ومتى اختلف المكتري والمكاري في هلاك شيء ، وهل وقع فيه تفريط أم لا؟ كانت البيّنة على المدّعي ، واليمين على المدّعى عليه.
وإذا اختلف صاحب المتاع والصانع في التفريط ، كان على صاحب المتاع البيّنة ، فإن لم يكن له بيّنة ، فعلى الصانع اليمين.
وروي أنّ من استأجر أجيرا لينفذه في حوائجه ، كان ما يلزم الأجير من النفقة على المستأجر دون الأجير ، فإن شرط عليه أن تكون نفقته عليه ، كان ذلك جائزا (١) ذكر ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته (٢) على ما روي.
والذي يقوى في نفسي ، أنّ النفقة لا تلزم إلا الأجير ، دون المستأجر على كلّ حال ، لأنّه إنّما يستحقّ الأجرة ، وعليه العمل ، والأصل براءة ذمّة المستأجر ، فمن أوجب النفقة له ، يحتاج إلى دليل ، ولا دليل على ذلك من كتاب ولا سنّة ، ولا إجماع ، ولا يلتفت إلى أخبار الآحاد على ما بيّناه.
وينبغي أن لا يستعمل الإنسان أحدا إلا بعد أن يقاطعه على أجرته ، فإن لم يفعل ترك الاحتياط ، ووجبت اجرة المثل.
وإذا فرغ الأجير من عمله وطالب بأجرته ، فلا يجوز تأخيرها ، بل يجب أن يوفّي في حال مطالبته بها ، وإن كان مستحقا لها حال العقد قبل العمل والفراغ : لأنّه بنفس العقد يستحقها على ما قدّمناه ، إلا أن يشترط ذلك على ما بيّناه.
فإن كان قد أعطاه طعاما أو متاعا ، لم يعين (٣) سعره ، كان عليه بسعر وقت
__________________
(١) الوسائل : الباب ١٠ في أحكام الإجارة ج ١٣ ص ٢٥٠.
(٢) النهاية : كتاب التجارة ، باب الإجارات.
(٣) ج : ثمّ تغيّر.