قبله من غير إذن ثمّ هلك كان المتقبّل الأوّل ضامنا له ، هكذا أورده شيخنا أبو جعفر في نهايته بهذه العبارة ، وهي قوله : والصانع إذا تقبّل عملا بشيء معلوم ، جاز له أن يقبله لغيره بأكثر من ذلك ، إذا كان قد أحدث فيه حدثا (١).
قال محمّد بن إدريس : الذي يتبادر إلى الخاطر ، أنّ قوله رحمهالله : « بأكثر من ذلك » غلط لا وجه له ، لأنّ الإنسان إذا تقبل خياطة ثوب مثلا بدينار ، ثمّ قبله لغيره بأكثر من الدينار ، فيحتاج أن يغرم من عنده شيئا آخر على الأجرة ، ومقصوده أن يستفضل من الأجرة المتقبل بها ، فهذا الذي يسبق إلى الأوهام ، من عبارته رحمهالله في هذا الموضع ، ومقصوده رحمهالله خلاف هذا ، وهو أنّ الصانع الأول يستفضل من الأجرة الأولة لنفسه ، ويعطي الصانع الثاني بعضها.
والدليل على ذلك ، ما أورده رحمهالله من الأخبار ، في كتاب تهذيب الأحكام ، عنه عن عليّ بن الحكم ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سألته عن الرجل يتقبّل العمل ، فلا يعمل فيه ، ويدفعه إلى آخر يربح فيه ، قال : لا بأس (٢).
الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهماالسلام قال : سألته عن الرجل الخياط ، يتقبّل العمل فيقطعه ويعطيه من يخيطه ، ويستفضل ، فقال : لا بأس ، قد عمل فيه (٣).
عنه عن صفوان ، عن الحكم الخياط قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام ، أتقبّل الثوب بدرهم ، وأسلّمه بأقلّ من ذلك ، لا أزيد على أن أشقّه ، قال : لا بأس بذلك ، ثمّ قال : لا بأس فيما تقبّلت من عمل ، ثمّ استفضلت (٤).
__________________
(١) النهاية : كتاب التجارة ، باب الإجارات.
(٢) و (٣) و (٤) التهذيب : ج ٧ ص ٢١٠ باب الإجارات ح ٥ و ٦ و ٧ ولكن الموجود في ح ٥ « لا » راجع الوسائل الباب ٢٣ من أبواب الإجارات.