قال محمد بن إدريس : وهذا غير واضح ، بل يجوز ذلك ، ومذهبنا ترك التعليل والقياس ، لأنّه كان يلزم عليه ، ان يجوز بيع رطل من العنب ، برطل من الزبيب ، وهذا لا يقول به أحد من أصحابنا ، بغير خلاف.
وأيضا فلا خلاف أنّ بيع الجنس بالجنس مثلا بمثل ، جائز سائغ ، والمنع منه يحتاج إلى دليل ، وقوله تعالى « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا » يدل على جوازه ، وقد رجع شيخنا عمّا ذكره في نهايته ، في الجزء الثالث من استبصاره ، فقال : الوجه في هذه الأخبار ، ضرب من الكراهة دون الحظر (١) ولا بأس ببيع الحنطة بالدقيق والسويق ، مثلا بمثل ، ولا يجوز التفاضل فيه ، ويكون ذلك نقدا ، ولا يجوز نسيئة ، ولا بأس ببيع الحنطة والدقيق بالخبز ، مثلا بمثل نقدا ، ولا يجوز نسيئة ، والتفاضل فيه لا يجوز ، لا نقدا ولا نسيئة.
ولا بأس ببيع اللبن والسمن والزبد ، كلّه إذا اتفقت أجناسه ، مثلا بمثل نقدا ، ولا يجوز نسيئة ، ولا يجوز التفاضل فيه ، لا نقدا ولا نسيئة ، فعلى هذا التحرير والتقرير ، لا يجوز بيع رطل من لبن الغنم ، إلا برطل منه ، وكذلك إن أريد بيعه بسمن من سمن الغنم ، فلا يجوز إلا برطل سمن ، ولا يجوز بأقل منه ، لأنّ الجنس واحد ، فإنّه لا يجوز التفاضل بين اللبن والسمن ، إذا كان الجنس واحدا ، وكذلك الزبد واللبن ، والزبد والسمن.
واللحمان إذا اتفق أجناسها ، جاز بيع بعضها ببعض ، مثلا بمثل يدا ، ولا يجوز ذلك نسيئة ، ولا يجوز التفاضل فيها ، لا نقدا ولا نسيئة ، وإذا اختلف أجناسها ، جاز التفاضل فيها نقدا ، ولا يجوز نسيئة ، مثل رطل من لحم الغنم ، برطلين من لحم البقر نقدا ، ولا يجوز نسيئة.
ولا بأس ببيع الثوب بالغزل ، وإن كان الثوب أكثر وزنا منه ، وإن كان
__________________
(١) الاستبصار : ج ٣ ، كتاب البيوع ، باب بيع الرطب بالتمر ، ص ٩٢ ـ ٩٣.