وقال شيخنا في نهايته أيضا : وإذا طلّق الرجل امرأته وهو مريض ، فإنّهما يتوارثان ما دامت في العدّة ، فإذا انقضت عدّتها ورثته ما بينه وبين سنة ما لم تتزوج ، فإن تزوجت فلا ميراث لها ، وإن زاد على السنة يوم واحد ، لم يكن لها ميراث ، ولا فرق في جميع هذه الأحكام ، بين أن يكون التطليقة هي الأولة ، أو الثانية ، أو الثالثة ، وسواء كان له عليها رجعة ، أو لم يكن ، فإنّ الموارثة ثابتة بينهما على ما قدّمناه ، هذا إذا كان المرض يستمر به إلى أن يتوفى ، فإن صح من مرضه ذلك ، ثمّ مات لم يكن لها ميراث ، إلا إذا كان طلاقا يملك فيه رجعتها ، فإنّها ترثه ما لم تخرج من العدة (١) هذا آخر كلامه رحمهالله في نهايته.
قال محمّد بن إدريس. والذي يقتضيه أصول مذهبنا ، أنّ الطلاق إذا كان رجعيا ، ورثها الرجل ما دامت في العدّة ، فإذا خرجت من العدة لا يرثها ، وهي ترثه بعد خروجها من العدّة إلى سنة ما لم تتزوّج ، أو يبرأ من مرضه ذلك ، فأمّا إذا كان الطلاق غير رجعي ، وهو الطلاق البائن ، فإنّه لا يرثها ساعة طلّقها ، وإن كانت في العدّة ، وهي ترثه مدة السنة على ما قدّمناه ، لأنّها بعد الطلاق البائن غير زوجة له ، والعصمة انقطعت بينهما ، ولو لا الإجماع لما ورثته ، ولا إجماع معنا على أنّه يرثها بعد الطلاق.
وشيخنا أبو جعفر ، فقد رجع عمّا قاله في نهايته ، في مسائل خلافه ، فقال : مسألة ، المطلقة التطليقة الثالثة في حال المرض ، ترث ما بينها وبين سنة ، إذا لم يصح من ذلك المرض ، ما لم تتزوج ، فإن تزوجت فلا ميراث لها ، والرجل يرثها ما دامت في العدّة الرجعية ، فأمّا في البائنة فلا يرثها على حال ، دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم وقد ذكرناها في الكتاب الكبير (٢) هذا آخر كلامه في الجزء
__________________
(١) النهاية : كتاب الطلاق ، باب أقسام الطلاق وشرائطه.
(٢) التهذيب : كتاب الطلاق ، الباب ٣ في أحكام الطلاق ، الأحاديث ١٨٣ إلى ١٩٠ ، ج ٨ ، ص ٧٨ و ٧٩.