يدعوهم إلى الجهاد فيجب عليهم حينئذ القيام به ، ومتى لم يكن الإمام ظاهرا ، ولا من نصبه حاضرا ، لم تجز مجاهدة العدو.
والجهاد مع أئمّة الجور ، أو من غير إمام خطأ يستحق فاعله به الإثم ، وإن أصاب لم يوجر ، وإن أصيب كان مأثوما ، اللهم إلا أن يدهم المسلمين والعياذ بالله أمر من قبل العدو يخاف منه على بيضة الإسلام ، ويخشى بواره ، وبيضة الإسلام : مجتمع الإسلام وأصله ، أو يخاف على قوم منهم ، وجب حينئذ أيضا جهادهم ودفاعهم ، غير أنّه يقصد المجاهد والحال ما وصفناه الدفاع عن نفسه ، وعن حوزة الإسلام ، وعن المؤمنين ، ولا يقصد الجهاد مع السّلطان الجائر ، ولا مجاهدتهم ليدخلهم في الإسلام ، وهكذا حكم من كان في دار الحرب ، ودهمهم عدو يخاف منه على نفسه ، جاز أن يجاهد مع الكفار دفعا عن نفسه وماله ، دون الجهاد الذي يجب في الشرع.
ومتى جاهدوا مع عدم الإمام ، وعدم من نصبه للجهاد ، فظفروا ، وغنموا ، كانت الغنيمة كلها للإمام خاصة ، ولا يستحقون هم منها (١) شيئا أصلا.
والمرابة ، فيها فضل كبير ، وثواب جزيل ، إذا كان هناك إمام عادل ، وحدّها ثلاثة أيّام إلى أربعين يوما ، فإن زاد على ذلك كان جهادا ، وحكمه حكم المجاهدين.
ومن نذر المرابطة في حال استتار الإمام ، وجب عليه الوفاء به ، غير انه لا يجاهد العدو ، إلا على ما قلناه من الدفاع عن الإسلام والنّفس.
وإن نذر أن يصرف شيئا من ماله إلى المرابطين في حال ظهور الإمام ، وجب عليه الوفاء به ، وإن كان ذلك في حال استتاره ، لا يجب عليه الوفاء بالنذر. على قول بعض أصحابنا (٢) ، بل قال يصرفه في وجوه البر.
__________________
(١) ل : ولا يستحقون منها.
(٢) وهو الشيخ الطوسي قدسسره في النهاية ، كتاب الجهاد ، إلا أنه في المصدر : « في حال انقباض يد الإمام » مكان قوله : « حال استتاره ».