قوله عليهالسلام في الجواب : « وما أغلق عليها بابه » يريد بذلك جميع حقوقها ، فالجواب مطابق للسؤال.
ولا يجوز أن يأخذ الإنسان من طريق المسلمين شيئا ، ولو قدر شبر ، ولا يجوز له أيضا بيعه ولا شراء شيء ، يعلم أنّ فيه شيئا من الطريق ، فإن اشترى دارا أو أرضا ، ثم علم بعد ذلك انّه كان صاحبه قد أخذ شيئا من الطريق فيها ، لم يكن عليه شيء ، إذا لم يتميّز له الطريق ، فإذا تميّز ، وجب عليه ردّه إليها ، وكان له الرجوع على البائع بالدرك ، أو فسخ البيع.
وروي أنّه إذا كان للإنسان في يده دار أو أرض ورثها عن أبيه عن جدّه ، غير أنّه يعلم أنّها لم تكن ملكا لهم ، وانّما كانت ملكا للغير ، ولا يعرف المالك ، لم يجز له بيعها ، بل ينبغي أن يتركها بحالها ، فإن أراد بيعها ، فليبع تصرّفه فيها ، ولا يبيع أصلها على حال (١).
قال محمّد بن إدريس : يمكن أن يقال انّما كان الأمر على ما ذكر في هذا الحديث ، والوجه في ذلك ، وكيف يجوز له (٢) تركها في يده ، وبيع ما جاز له بيعه ، وهو يعلم أنّه لم يكن لمورثه ، أنّ هذه الدار لم يحط علمه بأنّها غصب ، وانّما قال في الحديث لم يكن لمورثه ومن كان بيده شيء ، ولم يعلم لمن هو ، فسبيله سبيل اللقطة ، فبعد التعريف المشروع ، يملك التصرّف ، فجاز أن يبيع ماله فيها ، وهو التصرّف الذي ذكره في الخبر ، دون رقبة الأرض إذا كانت في الأرض المفتتحة عنوة ، فهذا وجه في تأويل هذا الحديث.
وبعد هذا كلّه فهذه كلّها أخبار آحاد ، أوردها شيخنا في نهايته (٣) ، لئلا يشذّ من الأخبار شيء ، على ما اعتذر به رحمهالله في عدّته (٤) ، فأوردناها نحن في
__________________
(١) الوسائل : الباب ١ من أبواب عقد البيع وشروطه ، ح ٥.
(٢) ج : وكيفية جواز.
(٣) النهاية : كتاب التجارة ، باب بيع المياه والمراعي ..
(٤) العدة : الفصل الرابع من الكلام في الأخبار ، عند الجواب عن إشكالات حجية خبر الواحد ، وعبارتها هكذا : « ولا يمتنع أن يكون أنّ ما رواه ليعلم أنّه لم يشذّ عنه شيء من الروايات لا لأنّه يعتقد ذلك ».