شيخنا أبو جعفر في نهايته : لم يجز له ذلك ، ولا يخون فيها (١) إلا أنّه رجع عن هذا القول ، في كتابه الاستبصار (٢). وقال بما اخترناه ، وقال : أحمل الخبر على الكراهة دون الحظر. ونعم ما قال ، لأنّه إذا أخذ ماله ، فما تعدّى ، ولا ظلم ، ولا خان ، والشارع نهى عن إضاعة المال ، وقال الله تعالى ( ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ) (٣) وهذا محسن ، لا مسيء.
ومن وجب عليه دين ، وغاب عنه صاحبه ، غيبة لم يقدر عليه معها ، وجب عليه أن ينوي قضاءه ، على ما قدّمناه ، فإن حضرته الوفاة ، سلّمه إلى من يثق بديانته ، وجعله وصيّه في تسليمه إلى صاحبه ، فإن مات من له الدين ، سلّمه إلى ورثته ، فإن لم يعلم له وارثا ، اجتهد في طلبه ، فإن لم يجده ، سلّمه إلى الحاكم ، فإن قطع على أنّه لا وارث له ، كان لإمام المسلمين ، وقد روي (٤) أنّه إذا لم يظفر بوارث له ، تصدّق به عنه ، وليس عليه شيء ، أورد ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته (٥) من طريق الخبر إيرادا ، لا اعتقادا ، لأنّ الصدقة لا دليل عليها ، من كتاب ، ولا سنّة مقطوع بها ، ولا إجماع ، بل الإجماع والأصول المقررة لمذهبنا ، تشهد بأنّ الإمام يستحق ميراث من لا وارث له.
وقال شيخنا أيضا في نهايته ، في صدر السؤال : ومن وجب عليه دين ، وغاب عنه صاحبه ، غيبة لم يقدر عليه معها ، وجب عليه أن ينوي قضاءه ، ويعزل ماله من ملكه (٦).
وهذا غير واجب ، أعني عزل المال ، بغير خلاف بين المسلمين ، فضلا عن طائفتنا.
وإذا استدانت المرأة على زوجها ، وهو غائب عنها ، فأنفقته بالمعروف ، وجب عليه القضاء عنها ، فإن كان زائدا على المعروف ، لم يكن عليه قضاؤه ، هكذا أورده شيخنا في نهايته (٧).
__________________
(١) النهاية : باب وجوب قضاء الدين إلى الحي والميّت إلا أنه في المصدر : ولا يجوز فيها.
(٢) الاستبصار : كتاب المكاسب ، الباب ٢٧. ذيل الحديث ٦ ، (١٧٢) أورد الخبر في الوسائل : الباب ٨٣ من أبواب ما يكتسب به ، ح ٣.
(٣) التوبة : ٩١.
(٤) الوسائل : كتاب الفرائض والمواريث ، الباب ٤ من أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة.
(٥) و (٦) و (٧) النهاية : باب وجوب قضاء الدين إلى الحي والميّت إلا أنه في المصدر : ولا يجوز فيها.