ذكر رجوعهما عن الطلاق ، وإلزامهما المهر ، وشرحه ، وقال : إمّا أن يكون قبل الدخول ، أو بعده ، فإن كان بعد الدخول ، فلا مهر عليهما ، وإن كان قبل الدخول ثمّ رجعا ، فانّ الحاكم لا ينقض حكمه ، وعليهما الضمان لنصف المهر المسمّى ، ولم يتعرض لما ذكره في نهايته ، من رجوعهما إلى الزوج الأول ، بل قال :
فإنّ الحاكم لا ينقض حكمه ، فإذا حرّمها الحاكم على الثاني ، ورجّعها إلى الأول ، على ما قال في نهايته ، فقد نقض حكمه.
ثمّ قال بعد ذلك رحمهالله : فأمّا إذا لم يكن إتلافا مشاهدة ولا حكما ، وهو أن شهدا بدين ، وحكم بذلك عليه ، ثم رجعا ، فهل عليهما الضمان للمشهود عليه ، أم لا؟ قال قوم : لا ضمان عليهما ، وقال آخرون : عليهما الضمان ، وكذلك قالوا فيمن أعتق عبدا في يده ، أو وهبه وأقبضه ، ثمّ ذكر أنّه كان لزيد ، فهل عليهما قيمته (١) لزيد؟ على قولين ، لأنّه أقرّ به بعد ان فعل ما حال بينه وبينه بغير حق ، قال رحمهالله : والأقوى عندي أنّ عليهما الضمان للمشهود عليه ، وكذلك تلزم القيمة للمعتق لعبده ، لمن أقرّ له به هذا آخر ما ذكره شيخنا رحمة الله عليه في مبسوطة (٢) فأوردته ، لأنّه كلام سديد في موضعه ، وجملة نافعة كثيرة الفقه.
وكل موضع رجع فيه الشهود ، نظرت ، فإن ذكروا أنّهم أخطأوا ، فلا تعزير على واحد منهم ، وإن قالوا تعمدنا ، كان عليهم التعزير.
إذا حكم الحاكم بشهادة شاهدين ، ثم بان له أنّه حكم بشهادة من لا يجوز الحكم بشهادته ، نقض الحكم بلا خلاف ، فإن كان حكم بإتلاف ، كالقصاص والقتل والرجم ، فلا قود هاهنا ، لأنّه عن خطأ الحاكم ، وأمّا الدية ، فإنّها على الحاكم عند قوم ، وعند آخرين ، على المزكّين وروى أصحابنا أنّ ما أخطأت الحكام ، فعلى بيت المال (٣).
__________________
(١) ج : عليه قيمته.
(٢) المبسوط : ج ٨ ، كتاب الشهادات ، فصل في الرجوع عن الشهادة ، ص ٢٤٦ ـ ٢٤٨.
(٣) الوسائل : كتاب القضاء ، الباب ١٠ من أبواب آداب القاضي ، ولفظ الحديث هكذا : « ان