عليه ظاهرا ، ويجب على المدّعي ردّه عليه.
وإذا أخرج الإنسان من داره روشنا إلى طريق المسلمين النافذ ، فإن كان عاليا لا يضر بالمارة ، ترك ، ولم يقلع ، فان عارض فيه واحد من المسلمين ، قال قوم من المخالفين : يجب قلعه ، وقال آخرون منهم : لا يجب قلعه.
والقول الأوّل اختاره شيخنا أبو جعفر في الجزء الثاني من المبسوط (١) ، والقول الأخير اختياره أيضا في الجزء الثالث من مسائل خلافه (٢) ، وهو الصحيح الذي يقوى في نفسي ، لأنّ المسلمين من عهد الرسول صلىاللهعليهوآله إلى يومنا هذا ـ وهو سنة سبع وثمانين وخمسمائة ـ لم يتناكروا فيما بينهم ذلك ، وسقيفة بني ساعدة وبني النجار في المدينة معروفتان (٣) ، ما أنكرهما أحد من المسلمين ، ونفس الطريق غير مملوكة ، وانّما يملك المسلمون منافعها ، دون رقبتها ، فهم مشتركون في المنافع ، لأنّ الشركة قد تكون في المنافع ، دون الأعيان ، وقد تكون في الأعيان والحقوق.
فأمّا الشركة في الأعيان فالميراث ، وأمّا الشركة في الحقوق دون الأعيان ، فمثل الاشتراك في حقّ القصاص ، وحدّ القذف ، وحقّ المرافق من المشي في الطرقات ، فهذا الضرب إذا عفا أحد الشركاء ، كان للباقي من شركائه ، المطالبة بجميعه ، من غبر إسقاط شيء منه ، وكذلك لو عفا الجميع إلا واحدا منهم ، كان له جميع الحقّ.
وأمّا الاشتراك في المنافع ، كالاشتراك في منفعة الوقف ، ومنفعة العين المستأجرة ، فعلى هذا التحرير ، لا يجوز الاعتراض على أصحاب السقائف ، والرواشن ، والساباطات ، إذا لم تضر بالمارة ، ولم تمنعهم من حقوقهم ، وهي المنافع ، والاستطراق ، والاجتياز والمشي.
إذا تنازعا جدارا بين ملكيهما ، وهو غير متصل ببناء أحدهما ، وانّما هو مطلق
__________________
(١) المبسوط : كتاب الصلح.
(٢) الخلاف : كتاب الصلح ، المسألة ٢ ، ولا يخفى عدم اختلاف قول الشيخ في كتابيه فليراجع.
(٣) ج : معروفة.