برئت ذمّة الميّت ، سواء قضى ذلك المال الضامن ، أو لم يقض ، إذا كان صاحب الدين قد رضي به ، فإن لم يكن قد رضي به ، كان في ذمّة الميّت على ما كان.
ومن مات وعليه دين مؤجّل ، حل أجل ماله ، ولزم ورثته الخروج ممّا كان عليه ، إن خلّف تركة.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : وكذلك إن كان له دين مؤجّل ، حل أجل ماله ، وجاز للورثة المطالبة به في الحال (١).
وقال في مسائل الخلاف : مسألة ، من مات وعليه دين مؤجّل ، حل عليه بموته ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي ، ومالك ، وأكثر الفقهاء ، إلا الحسن البصري ، فإنّه قال : لا تصير المؤجلة حالة بالموت ، فأمّا إذا كانت له ديون مؤجلة ، فلا تحل بموته ، بلا خلاف ، إلا رواية شاذة ، رواها أصحابنا أنّها تصير حالة ، ثم قال : دليلنا على بطلان مذهب الحسن البصري إجماع الفرقة ، بل إجماع المسلمين ، لأنّ خلافه قد انقرض ، وهو واحد لا يعتد به لشذوذة (٢).
قال محمد بن إدريس رحمهالله ، مصنف هذا الكتاب : والذي ذكره شيخنا في مسائل الخلاف ، هو الصحيح ، وبه افتى ، وأعمل ، لأنّ به تشهد الأدلة القاهرة (٣) ، وما ذكره رحمهالله في نهايته ، فهو خبر شاذّ من أخبار الآحاد ، وأخبار الآحاد لا يجوز العمل بها ، قد شهد بذلك شيخنا في مسائل الخلاف ، وقال : إلا رواية شاذة رواها أصحابنا ، انّها تصير حالة ، فلو كان رحمهالله عاملا بأخبار الآحاد ، لما قال ذلك ، ولا ساغ له ترك العمل بالرواية ، وبخبر الواحد ، وكلّ من قال عنه أنّه كان يعمل بأخبار الآحاد ، فهو محجوج بقوله هذا ، وجميع ما يورده ويذكره في نهايته ، ممّا لا تشهد بصحته الأدلة ، فهي أخبار آحاد يوردها ، كما
__________________
(١) النهاية : باب قضاء الدين عن الميّت.
(٢) الخلاف : كتاب التفليس ، مسألة ١٤.
(٣) الوسائل : كتاب التجارة ، الباب ١٢ من أبواب الدين والقرض. ح ٤.