المال المتروك يستحقه الوارث عن الميت ، لا عن المشهود عليه به ، والدية لا يستحقها الوارث عن الميّت ، بل عن المشهود عليه ، لأنّها ليس بمال للميّت حتى يستحق عنه ، ولو لا الدليل في دية الخطأ ، ودية العمد شبيه الخطأ لما كان كذلك.
ثمّ قال شيخنا أيضا في مبسوطة : وإذا وجد الرجل قتيلا في داره ، وفي الدار عبد المقتول ، كان لوثا على العبد ، وللورثة أن يقسموا ، أو يثبتوا القتل على العبد ، ويكون فائدته ، أن يملكوا قتله عندنا ، إن كان عمدا ، قال رحمهالله : وفيه فائدة أخرى ، وهي أنّ الجناية إذا ثبتت ، تعلّق أرشها برقبته ، فربما كان رهنا ، فإذا مات كان للوارث أن يقدم حق الجناية على حق الرهن ، فإذا كانت فيه فائدة ، كان لهم أن يقسموا ، هذا أخر كلامه رحمهالله (١).
فلو كان الدين الذي على المقتول عمدا محضا ، يمنع (٢) الورثة من القود ، لما قال ذلك ، وقال أيضا في الجزء الثاني من المبسوط ، في كتاب التفليس : وإذا جنى على المفلس ، فلا يخلو من أحد أمرين ، إمّا أن تكون جناية عمدا ، أو خطأ ، فإن كانت خطأ ، توجب الأرش ، فإنّه قد استحق الأرش ، وتعلّق به حق الغرماء ، فيأخذه ، ويقسمه بينهم ، وإن كانت الجناية عمدا توجب القصاص ، فإنّه مخير بين أن يقتص (٣) ، وبين أن يعدل عن القصاص إلى الأرش ، إذا بذل له الجاني ، وليس للغرماء أن يجبروه على الأرش (٤).
قال محمّد بن إدريس : فإذا مات ، ورث وارثه ما كان يستحقه من القصاص ، لأنّه لا خلاف في أنّ الوارث يستحق ما كان يستحقه مورثه ، من جميع الحقوق ، فمن منع (٥) ذلك يحتاج إلى دليل.
وإذا تبرع إنسان بضمان الدين عن الميّت ، في حال حياته ، أو بعد وفاته
__________________
(١) المبسوط : كتاب القسامة.
(٢) من هنا وقع سقط في نسخة « ق » قريب ثلاث صفحات.
(٣) ل : أن يقصه.
(٤) المبسوط : كتاب التفليس ، ج ٢.
(٥) ل : فمن أنكر.