رضي الشركاء به أن يفعله ، لأنّه لا يجوز له أن يشاركهم في السفه ، بل الواجب عليه المنع لهم منه.
وإذا كانت دار ، هي وقف على جماعة ، أو غير الدار ، وأرادوا قسمتها ، لم يجز لهم ، لأنّ الحقّ لهم ولمن بعدهم ، إذا كانت على الأعقاب ، فلا يجوز لهم تمييز حقوق غيرهم.
وإذا كانت نصفها طلقا ، ونصفها وقفا ، فطلب صاحب الطلق المقاسمة ، فعندنا يجوز ذلك ، لأنّ القسمة عندنا ليست ببيع ، ومن قال أنّها بيع ، وهو الشافعي ، فلا يجوّز قسمة ذلك ، لأنّ بيع الوقف لا يجوز.
وقد قلنا أنّ من شرط صحة الشركة أن تكون في مالين متجانسين ، متفقي الصفتين ، إذا خلطا ، اشتبه أحدهما بالآخر ، وأن يخلطا حتى يصيرا مالا واحدا ، وأن يحصل الإذن في التصرّف في ذلك ، بدليل إجماع الطائفة على ذلك كلّه.
وأيضا فلا خلاف في انعقاد الشركة بتكامل ما ذكرناه ، وليس على انعقادها مع عدمه ، أو اختلال بعضه دليل.
وهذه الشركة التي تسميها الفقهاء شركة العنان بالعين المكسورة ، الغير المعجمة ، والنون المفتوحة ، قال الجوهري في كتاب الصحاح : وشركة العنان ، أن يشتركا في شيء خاص ، دون سائر أموالهما ، كأنّه عنّ لهما شيء ، فاشترياه ، مشتركين فيه قال النابغة الجعدي :
وشاركنا قريشا في تقاها |
|
وفي أحسابها شرك العنان (١) |
وعلى ما قلناه ، وأصّلناه ، لا يصح شركة المفاوضة ، وهي أن يشتركا في كل ما لهما وعليهما ، وما لا هما متميزان ، ولا شركة الأبدان ، وهي الاشتراك في اجرة العمل ، ولا شركة الوجوه ، وهي أن يشتركا على أن يتصرّف كل واحد منهما
__________________
(١) الصحاح : ج ٦ ، ص ٢١٦٦ ، مادة ( عنن ).