الثمرة بثمرة من غير ذلك النخل ، لم يكن أيضا به بأس (١).
وإلى هذا القول يذهب في مسائل خلافه (٢) ، إلا أنّه رجع عن ذلك كلّه وعاد إلى القول الصحيح الذي اخترناه ، في مبسوطة ، فقال : بيع المحاقلة والمزابنة محرّم بلا خلاف ، وإن اختلفوا في تأويله ، فعندنا أنّ المحاقلة بيع السنابل التي انعقد فيها الحبّ أو اشتد بحبّ من ذلك السنبل ، ويجوز بيعه بحب من جنسه ، على ما روي في بعض الأخبار (٣) والأحوط أن لا يجوز بيعه بحب من جنسه على كل حال ، لأنّه لا يؤمن أن يؤدّي إلى الربا ، والمزابنة هي بيع التمر على رءوس النخل بتمر منه ، فأمّا بتمر موضوع على الأرض فلا بأس به ، والأحوط أن لا يجوز ذلك ، لمثل ما قلناه في بيع السنابل سواء ، هذا آخر كلامه في مبسوطة رحمهالله (٤).
ألا تراه إن ما ذكره واختاره في نهايته جعله هاهنا رواية ضعيفة ، لأنّه قال : على ما روي في بعض الأخبار ، فلا يظنّ بالرّجل (٥) أنّ جميع ما أورده في نهايته أخبار متواترة يعمل بها ويعتقد صحّتها ، معاذ الله ، فاني لا أستجمل لذوي البصائر والتحصيل أن يعتقدوا في شيخنا ـ مع جلالة قدره ـ هذا ، وما اخترناه أيضا مذهب شيخنا المفيد في مقنعته وجماعة من أصحابنا ، لأنّ النهي عام ، ولا مخصّص له من كتاب ولا سنة ولا إجماع.
ويجوز بيع العرايا ، وهي جمع عريّة ، بفتح العين ، وكسر الراء ، وتشديد الياء ، وهو أن يكون لرجل في بستان غيره نخلة يشقّ عليه الدخول إليها أو في داره ، يجوز أن يبيعها منه بخرصها تمرا ، نقدا يدا بيد لا نسيئة ، لأنّ غير العرايا لا يجوز نقدا يدا بيد ولا نسيئة فامتازت العرايا من غيرها بأن رخّص فيها لمكان الضرورة بأن تباع بخرصها تمرا ، نقدا يدا بيد لا نسيئة وغيرها لا يجوز نقدا ولا
__________________
(١) النهاية : كتاب التجارة ، باب بيع الثمار.
(٢) الخلاف : كتاب البيوع ، مسألة ١٥٢ ـ ١٥٣.
(٣) الوسائل : الباب ١٣ من أبواب بيع الثمار ، ح ٥ ، وفي النهاية : كتاب التجارة ، باب بيع الثمار.
(٤) المبسوط : فصل بيع الثمار ، ج ٢ ، ص ١١٨.
(٥) ج : فلا يظنّ ظانّ.