إذا ادّعى عليه مالا بين يدي الحاكم ، وقال : لا أقرّ ولا أنكر ، قال له الحاكم : هذا ليس بجواب ، فأجب بجواب صحيح ، فإن أجبت ، وإلّا جعلتك ناكلا ، ورددت اليمين على صاحبك ، وإن لم يجب بجواب صحيح ، فالمستحب أن يكرر عليه ذلك ثلاث مرات ، فإن لم يجب بجواب صحيح ، جعله ناكلا ، ورد اليمين على صاحبه ، فإن ردّ اليمين بعد المرة الأولى جاز ، لأنّه هو القدر الواجب ، وانّما جعلناه ناكلا بذلك ، لأنّه لو أجاب بجواب صحيح ، ثم امتنع عن اليمين ، جعل ناكلا فإذا امتنع عن الجواب واليمين ، فأولى أن يكون ناكلا ، وهكذا إذا قال : لا أدري ما تقول ، لأنّ ذلك ليس بجواب صحيح مع علمه بما يقول ، هذا آخر كلام شيخنا في الموضع المشار إليه أولا حرفا فحرفا (١).
قال محمّد بن إدريس : يمكن أن يفرّق بين الحكم والقضاء ، بأن يقال : الحكم إظهار ما يفصل به بين الخصمين قولا ، والقضاء إيقاع ما يوجبه الحكم فعلا ، فهذا الفرق بينهما عند أهل اللغة ، فأمّا من حيث عرف الشريعة فلا فرق بينهما.
باب سماع البيّنات وكيفية الحكم بها وأحكام القرعة
إذا شهد عند الحاكم شاهدان ، وكانا عدلين ، وشهدا في مكان واحد ، على وجه واحد ، ووافقت شهادتهما دعوى المدّعي ، وجب على الحاكم الحكم بشهادتهما بعد سؤال صاحب الحق.
وإذا شهد عنده من لا يعرفهما بعدالة ولا خرج سمع شهادتهما ، وأثبتها عنده ، ثم استكشف أحوالهما ، وسأل عنهما أهل الخبرة الباطنة ، ودون أهل المعرفة الظاهرة ، فإن وجدهما مرضيين جائزي الشهادة ، حكم بشهادتهما ، وإن وجدهما على غير ذلك وبخلافه ، طرح شهادتهما ، فإن حكم بعد البحث عنهما ، فلا يحكم إلا بعد سؤال صاحب الحق.
__________________
(١) المبسوط : ج ٣ ، كتاب الإقرار ، ص ٣١.