إذا آجر عبده سنة معلومة ، فمات العبد بعد استيفاء منافعه ستة أشهر ، فلا خلاف أنّ العقد فيما بقي بطل ، وفيما مضى لا يبطل عندنا ، وفي المخالفين من قال يبطل ، مبنيا على تفريق الصفقة.
فإذا ثبت ما قلناه ، من أنّ الإجارة صحيحة فيما مضى ، وباطلة فيما بقي ، فهو بالخيار بين أن يطالب بأجرة المثل ، وبين ترك المطالبة ، فإن طالب ، فإن كان اجرة ما بقي مثل اجرة ما مضى ، فإنّه يأخذه ، وإن كان فيما بقي من المدة أجرته أكثر ممّا مضى ، فإنّه يستحق تلك الزيادة ، وذلك مثل أن تكون أجرة المدّة التي مضت ، مائة درهم ، ومدّة ما بقي (١) مائتين ، فإنّه يستحق عليه مائتين ، وبعكس هذا إن كان اجرة المدّة التي مضت مائتين ، ومدّة الباقي (٢) مائة ، فإنّه يستحقّ مائة. وهكذا في اجرة الدار ، إذا آجر دارا ثمّ انهدمت حرفا فحرفا.
الإجارة على ضربين ، معيّنة وفي الذّمة ، فالمعيّنة أن يستأجر دارا ، أو عبدا ، شهرا أو سنة ، وفي الذمة أن يستأجر من يبني له حائطا ، أو يخيط له ثوبا ، وكلاهما لا يمنع من دخول خيار الشرط مانع ، لقوله عليهالسلام : « المؤمنون عند شروطهم ».
إذا اكترى دابة ، نظرت ، فإن كان اكتراها ليحمل عليها الأمتعة ، فالسوق على المكاري ، وإن كان ليركب عليها ، فالسوق عليه ، دون المكاري ، فإن اختلفا في النزول ، فقال المكاري : ينزل في طرف البلد موضعا يكون قريبا إلى الماء والكلاء ، وقال المكتري : لا ، بل ننزل في وسط البلد ، حتى يكون متاعي محفوظا ، فإنّه لا يلتفت إلى قول واحد منهما ، ويرجع فيه إلى العادة والعرف.
وإذا اكترى بهيمة وذكر أنّها تتعبه ، وتكدّه ، فإن كان ذلك من جهة أنّه لا بصر له بعادة الركوب ، لم يلزم المكاري شيء ، وإن كان من جهة البهيمة ، نظر ، فإن كان اكتراها بعينها ، كان له ردّها ، وليس له أن يستبدل بها غيرها ،
__________________
(١) ل : واجرة ما بقي.
(٢) ل : واجرة الباقي.