ولا يلتفت إلى ما أورده شيخنا أبو جعفر في نهايته ، فإنّه قال : إقرار المريض جائز على نفسه للأجنبي ، وللوارث على كلّ حال ، إذا كان مرضيا موثوقا بعدالته ، ويكون عقله ثابتا في حال الإقرار ، ويكون ما أقرّ به من أصل المال ، فإن كان غير موثوق به ، وكان متّهما ، طولب المقر له بالبيّنة ، فإن كانت معه بينة ، اعطى من أصل المال ، وإن لم يكن معه بيّنة ، اعطي من الثلث إن بلغ ذلك ، فإن لم يبلغ فليس له أكثر منه (١) هذا آخر كلامه رحمهالله في نهايته.
إلا أنّه رجع عنه في مسائل خلافه ، وفي مبسوطة (٢).
فقال في مسائل خلافه في الجزء الثاني من كتاب الإقرار : مسألة ، إذا أقرّ بدين في حال صحته ، ثمّ مرض ، فأقرّ بدين آخر في حال مرضه ، نظر ، فإن اتسع المال لهما ، استوفيا معا ، وإن عجز المال قسّم الموجود منه على قدر الدينين ، وبه قال الشافعي ، وقال أبو حنيفة : إذا ضاق المال ، قدّم دين الصحة على دين المرض ، فإن فضل شيء صرف إلى دين المرض ، دليلنا قوله تعالى ( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ ) (٣) ولم يفضل أحد الدينين على الآخر ، فوجب أن يتساويا في الاستيفاء ، وأيضا فإنّهما دينان ثبتا في الذمة ، فوجب أن يتساويا في الاستيفاء ، لأنّ تقديم أحدهما على الآخر يحتاج إلى دليل (٤) هذا آخر المسألة من كلام شيخنا رحمهالله.
إذا قال : له عندي عبد عليه عمامة ، دخلت العمامة في الإقرار.
وإذا قال : له عندي دابة عليها سرج ، لم يدخل السرج في الإقرار.
والفرق بينهما أنّ العبد ثبتت يده على ما هي عليه ، فيكون لمولاه المقرّ له ، والدابة لا تثبت لها يد على ما عليها ، فلا يكون ما عليها لصاحبها إلا بالإقرار ،
__________________
(١) النهاية : كتاب الوصايا ، باب الإقرار في المرض.
(٢) المبسوط : ج ٣ ، كتاب الإقرار ، ص ١٣.
(٣) النساء : ١١ و ١٢.
(٤) الخلاف : كتاب الإقرار ، المسألة ١٢.