ومتى عقدا الإجارة ، ثم أسقط المؤجر مال الإجارة ، وأبرأ صاحبه منها ، سقط بلا خلاف ، وإن أسقط المستأجر المنافع المعقود عليها ، لم تسقط بلا خلاف.
قال شيخنا أبو جعفر ، في مبسوطة : إذا باع شيئا بثمن جزاف ، جاز ، إذا كان معلوما مشاهدا ، وإن لم يعلم وزنه ، ولا يجوز أن يكون مال القراض جزافا ، والثمن في السلم أيضا يجوز أن يكون جزافا ، وقيل : لا يجوز كالقراض ، ومال الإجارة يصحّ أن يكون جزافا ، وفي الناس من قال : لا يجوز ، والأول أصحّ ، إلى هاهنا كلام شيخنا أبي جعفر في مبسوطة ، في كتاب الإجارة (١).
قال محمّد بن إدريس : الأظهر من المذهب بلا خلاف فيه إلا من السيد المرتضى في الناصريات (٢) ، أنّ البيع إذا كان الثمن جزافا بطل ، وكذلك القراض والسلم ، لأنّه بيع ، فأمّا مال الإجارة التي هي الأجرة ، فالأظهر من المذهب أنّه لا يجوز ، إلا أن يكون معلوما ، ولا تصح ولا تنعقد الإجارة إذا كان مجهولا جزافا ، لأنّه لا خلاف في أن ذلك عقد شرعيّ ، يحتاج في ثبوته إلى أدلّة شرعيّة ، والإجماع منعقد على صحته إذا كانت الأجرة معلومة غير مجهولة ، ولا جزاف ، وفي غير ذلك خلاف ، وأيضا نهى النبيّ عليهالسلام عن الغرر والجزاف (٣) ، وهذا غرر وجزاف.
وقال شيخنا في نهايته ، بما اخترناه ، فإنّه قال : الإجارة لا تنعقد إلا بأجل
__________________
(١) المبسوط : ج ٣ ، كتاب الإجارات ، ص ٢٢٣.
(٢) الناصريات : كتاب البيوع ، المسألة ١٧٢
(٣) قد مضى الإيعاز إلى ما يدل على نهيه عن الغرر في ذيل البحث عن شركة الأبدان ، ص ٤٠٠ ولعلّ نهيه صلىاللهعليهوآله عن الجزاف أيضا مستفاد من نفس النهى عن الغرر. وفي الوسائل : في الباب ٤ من أبواب عقد البيع ، بسند صحيح عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « ما كان من طعام سميت فيه كيلا فلا يصلح مجازفة ». وفي سنن النسائي : كتاب البيوع باب بيع ما يشترى من الطعام جزافا ، عن ابن عمر أنّهم كانوا يبتاعون على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله في أعلى السوق جزافا فنهاهم رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يبيعوه في مكانه حتى ينقلوه.