وكذا ، أنّ الوكالة غير صحيحة ، فأمّا إذا وكله في الحال ، وشرط عليه أنّه لا يبيع الشيء الموكّل على بيعه ، إلا إذا جاء رأس الشهر ، كان ذلك صحيحا ماضيا.
فان قيل : فقد قلتم فيما مضى ، أنّه إذا لم يوكّله على بيع الرهن ، جاز للحاكم بيعه ، وقضاء الدين منه ، بعد ثبوت الحقّ عنده ، فلا فائدة حينئذ في الرهن ، ولا مزية له ، لأنّه إذا كان غير رهن ، بيع على صاحبه ، وإذا كان رهنا غير موكّل في بيعه ، بيع أيضا ، فلا فائدة في الرهن.
قلنا : الفائدة ظاهرة ، وهو أنّه إذا كان رهنا ، لا يشارك المرتهن في ثمنه أحد من الغرماء ، ولو كان على صاحبه أضعاف أضعاف دين المرتهن ، وإذا لم يكن الشيء رهنا كان جميع الغرماء أسوة فيه على قدر ديونهم بالحصص ، فأيّ فائدة أعظم من هذا.
وإذا كان عند الإنسان رهن ، ولا يدري لمن هو ، صبر إلى أن يتبيّن صاحبه ، فإن لم يتبينه ، ولا علمه ، باعه وأخذ ماله ، فإن زاد على ماله ، استحفظ به له ، وقد روي انّه يتصدّق به عن صاحبه (١).
وإذا مات من عنده الرهن ، ولم يعلم الورثة الرهن ، كان ذلك كسبيل ماله ، فإن علموه بعينه ، وجب عليهم ردّه على صاحبه ، وأخذ ما عليه منه.
وإذا كان عند إنسان رهون جماعة ، فهلك بعضها ، وبقي البعض ، كان ماله فيما بقي ، إذا كانت لراهن واحد ، فإن هلك الكلّ ، كان هلاكها من مال صاحبها ، وكان دين المرتهن باقيا في ذمة الراهن ، على ما قدّمناه ، إذا لم يكن ذلك عن تفريط منه ، حسب ما بيناه.
ومن عنده الرهن ، جاز له أن يشتريه من الراهن.
ومتى رهن الإنسان حيوانا حاملا ، كان حمله خارجا عن الرهن ، إلا أن
__________________
(١) لم نجد فيه رواية ، ولعل المراد بها بعض ما ورد في المال المجهول أو المفقود المالك ، فراجع الباب ٧ من أبواب اللقطة ، والباب ٦ من أبواب ميراث الخنثى.