ولأحدهما ، عليه جذوع ، فإنّه يحكم بالحائط لمن الجذوع له ، وبه قال أبو حنيفة ، وقال الشافعي : لا نحكم بالحائط لصاحب الجذوع ، واختار قول الشافعي شيخنا أبو جعفر في مسائل الخلاف (١) ، وما اخترناه أظهر ، لأنّ له عليه يدا وتصرفا ، ولا خلاف أن من كان بيده شيء ، حكم له بالملك ، ولا يخرج من يده بمجرّد دعوى غيره عليه ، إلا بالبيّنة العدول.
إذا تنازع اثنان دابة ، أحدهما راكبها ، والآخر آخذ بلجامها ، ولم يكن لأحدهما بيّنة ، جعلت بينهما نصفين.
وكذلك إذا كان لرجل بيت ، وعليه غرفة لآخر ، وتنازعا في سقف البيت الذي عليه الغرفة ، ولم يكن لأحدهما بينة.
والأقوى عندي ، أنّ القول قول صاحب الغرفة مع يمينه ، لأنّ الغرفة لا تكون بلا أرض ، والبيت قد يكون بلا سقف ، وقد اتفقا ان هاهنا غرفة ، فإذا لم يكن لها أرض ، وهو سقف البيت ، فلا غرفة أذن ، فقد ترجحت دعواه بهذا الاعتبار.
وإذا كان بين رجلين حائط مشترك ، وانهدم ، وأراد أحدهما أن يبنيه ، وطالب الآخر بالإنفاق معه ، لا يجبر عليه ، وكذلك إن كان بينهما نهر ، أو بئر ، أو دولاب ، وكذلك إن كان السفل لواحد ، والعلو لآخر ، فانهدم ، فلا يجبر صاحب السفل ، على اعادة الحيطان التي تكون عليها الغرفة.
والدرب الذي لا ينفذ ، حكمه بخلاف الدرب الذي ينفذ ، لأنّ ملاكه معينون ، فلا يجوز لأحد منهم إخراج روشن ، إلا بإذن الباقين ، لأنّه إذا أخرج روشنا لاطيا ، يضر بأهل الزقاق الغير النافذ ، فرضوا به ، فإنّه يترك ، وهذا يدل على أنّ الحق لهم ، ولا يجري مجرى الطريق النافذ.
وإذا كان نفسان ، لكل واحد منهما شيء عند صاحبه ، من سائر الأموال
__________________
(١) الخلاف : كتاب الصلح ، المسألة ٤.