ثلاثا في ثلاثة أطهار ، أنّه يسمّى مطلّقا ثلاثا.
فإن قيل : لا فائدة على هذا الوجه في قوله عليهالسلام : إذن عصيت ربّك ، وبانت منك امرأتك.
قلنا : يحتمل ذكر المعصية أمرين ، أحدهما أن يكون النبي عليهالسلام كان يعلم من زوجة ابن عمر خيرا وبرا يقتضيان المعصية بفراقها ، والأمر الآخر أنّه مكروه للزوج أن يخرج نفسه من التمكين من مراجعة المرأة ، لأنّه لا يدري كيف ينقلب قلبه ، فربما دعته الدواعي القوية إلى مراجعتها ، فإذا أخرج أمرها من يده ، ربما هم بالمعصية.
فإن احتجوا أيضا بما رووه من أنّ عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق طلّق امرأته تماضر ـ بضم التاء وكسر الضاد ـ ثلاثا (١).
قلنا : يجوز أن يكون طلقها في أطهار ثلاثة مع مراجعة تخللت ، وليس في ظاهر الخبر أنّه طلقها ثلاثة لفظ واحد في حالة واحدة.
وهذه الطريقة التي سلكناها ، يمكن أن تطرد في جميع أخبارهم التي يتعلقون بها ، بما يتضمن وقوع طلاق ثلاث ، فقد فتحنا طريق الكلام على ذلك كلّه ، ونهجناه ، فلا معنى للتطويل بذكر جميع الأخبار.
على أنّ أخبارهم معارضة بأخبار موجودة في رواياتهم وكتبهم ، يقتضي أنّ الطلاق الثلاث لا يقع.
منها ما رواه ابن سيرين أنّه قال : حدثني من لا أتهم ، أنّ ابن عمر طلّق امرأته ثلاثا وهي حائض ، فأمره النبيّ عليهالسلام أن يراجعها (٢).
__________________
(١) .. لم نعثر عليه إلا أنّ في سنن البيهقي ( كتاب الطلاق ، باب من جعل الثلاث واحدة .. ج ٧ ، ص ٣٣٦ ) أنّ أبا الصهبان قال لابن عباس : ألم يكن الطلاق الثلاث في عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله وأبي بكر واحدة؟ قال : « قد كان ذلك ، فلمّا كان في عهد عمر نتابع الناس في الطلاق ، فأمضاه عليهم »
(٢) التاج : ج ٢ ، كتاب النكاح والطلاق والعدة ، ص ٣٤١. صحيح مسلم : كتاب الطلاق ، ح ٩.