والمجهول ، الذي هو واجب ، مثل أن يقول : أنا ضامن لما يقضي لك به القاضي على فلان ، أو ما يشهد لك به البينة من المال عليه ، أو ما يكون مثبتا في دفترك ، فهذا لا يصح ، لأنّه مجهول وإن كان واجبا في الحال ، وقال قوم من أصحابنا : إنّه يصح أن يضمن ما تقوم به البيّنة ، دون ما يخرج به دفتر الحساب ولست أعرف به نصا (١) ، هذا آخر كلام شيخنا في مبسوطة.
قال محمد بن إدريس مصنف هذا الكتاب : فإن قال قائل : فإذا لم يعرف الشيخ أبو جعفر الطوسي بصحة ضمان ما قامت به البيّنة نصا ، فمن أين أورده في نهايته (٢) وذهب إليه ، وأفتى به ، وعول عليه.
قلنا : هذا أدلّ دليل ، وأوضح قيل ، في اعتذارنا له فيما يورده في نهايته ، من أخبار الآحاد ، وانّه يوردها إيرادا من طريق أخبار الآحاد ، بحيث لا يشد شيء من الأخبار ، لا اعتقادا على ما قاله في عدته ، على ما أسلفنا القول في معناه ، وأنّه غير عامل بأخبار الآحاد ، وإلا إن كان عاملا بها ، فيلزمه العمل بما أورده في نهايته ، وهو قد دفع ، وقال : لست أعرف بذلك نصا ، فيكون مناقضا لأقواله.
وأمّا الأعيان المضمونة ، مثل العين المضمونة في يد الغاصب ، والعارية في يد المستعير ، إذا شرط ضمانها ، فهل يصح ضمانها عمّن هي في يده ، أم لا؟ الصحيح أنّها يصحّ ضمانها ، لأنّها مضمونة.
ومتى كان لرجل على رجلين الف درهم ، على كل واحد منهما خمسمائة ، وضمن كل واحد منهما صاحبه ، تحول الحقّ الذي على كل واحد منهما إلى صاحبه ، وهو خمسمائة ، إلا أن قبل الضمان كان له دين الأصل ، وبعد الضمان دين الضمان ، فان قضى أحدهما الألف عن نفسه ، وعن صاحبه برئا جميعا ، لأنه يكون قد قضى دين غيره ، وذلك صحيح ، وإن أبرأه عن الألف برئ
__________________
(١) المبسوط : كتاب الضمان.
(٢) النهاية : باب الكفالات والضمانات والحوالات.