وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : ولا بأس بشراء المماليك من الكفار ، إذا أقروا لهم بالعبودية (١).
وهذا دليل الخطاب ، ولم ينف الشراء ، إذا قامت لهم بينة بالعبودية.
وإذا اشتريت مملوكا ، فإنّه يكره أن يريه ثمنه في الميزان ، لأنّه لا يفلح ، على ما جاء في الأخبار (٢).
وروي في بعض الأخبار ، أنّ من اشترى من رجل عبدا ، وكان عند البائع عبدان ، فقال للمبتاع : اذهب بهما ، فاختر أيّهما شئت ، وردّ الآخر ، وقبض المال ، فذهب بهما المشتري ، فأبق أحدهما من عنده ، فليردّ الذي عنده منهما ، ويقبض نصف الثمن ممّا أعطى ، ويذهب في طلب الغلام ، فإن وجده ، اختار حينئذ أيّهما شاء ، وردّ النصف الذي أخذه ، وإن لم يجد ، كان العبد بينهما نصفين (٣).
أورد ذلك شيخنا في نهايته (٤) وهذا خبر واحد لا يصحّ ، ولا يجوز العمل به ، لأنّه مخالف لما (٥) عليه الأمّة بأسرها ، مناف لأصول مذهب جميع أصحابنا ، وفتاويهم ، وتصانيفهم ، وإجماعهم ، لأنّ المبيع إذا كان مجهولا ، كان البيع باطلا ، بغير خلاف ، وقوله : « يقبض نصف الثمن ويكون العبد الآبق بينهما ويردّ الباقي من العبدين » فيه اضطراب كثير ، وخلل كبير ، إن كان الآبق الذي وقع عليه البيع ، فمن مال مشتريه ، والثمن بكماله لبائعه ، وإن كان الآبق غير من وقع عليه البيع ، والباقي الذي وقع عليه البيع ، فلأيّ شيء يردّه.
وإنّما أورد شيخنا هذا الخبر ، على ما جاء بلفظه إيرادا ، لا اعتقادا ، لأنّه رجع عنه في مسائل خلافه ، في الجزء الثاني من مسائل خلافه ، في كتاب السلم ، فلو كان عنده صحيحا لما رجع عنه ، فقال : مسألة ، إذا قال اشتريت
__________________
(١) و (٤) النهاية : كتاب التجارة ، باب ابتياع الحيوان وأحكامه.
(٢) الوسائل : الباب ٦ من أبواب بيع الحيوان ، ح ١ و ٢.
(٣) الوسائل : الباب ١٦ من أبواب بيع الحيوان ، ح ١.
(٥) ج : مخالف لأصول المذهب ولما.