في نهايته : كان العقد باطلا (١). وكذلك يقول شيخنا المفيد في مقنعته (٢) ، إلا أنّ شيخنا أبا جعفر رجع عن ذلك في مسائل خلافه ، في كتاب الصداق فقال : مسألة ، إذا عقد على مهر فاسد مثل الخمر والخنزير والميتة وما أشبهه ، فسد المهر ولم يفسد النكاح. ووجب لها مهر المثل ، وبه قال جميع الفقهاء ، إلا مالكا ، فإنّ عنه روايتين ، إحداهما مثل ما قلناه ، والأخرى يفسد النكاح ، وبه قال قوم من أصحابنا ، ثمّ قال في استدلاله على صحّة ما اختاره رحمهالله : دليلنا انّ ذكر المهر ليس من شرط صحة العقد ، فإذا ذكر ما هو فاسد ، لم يكن أكثر من أن لم يذكره أصلا ، فلا يؤثر ذلك في فساد العقد (٣) ، هذا آخر كلامه.
قال محمّد بن إدريس : الذي يقوى في نفسي ، ما ذكره في مسائل خلافه ، والدليل عليه ما استدلّ به رحمهالله ، فإنّه استدلال مرضي ، ولا إجماع على فساد هذا العقد ، ولا كتاب الله تعالى ، ولا دليل عقل ، ولا سنّة متواترة ، بل قوله تعالى يعضد ما ذكره ، وهو قوله تعالى ( فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ ) (٤). والنكاح قد بيّنا أنّه العقد من الإيجاب والقبول ، وقد حصل ذلك ، وقد بيّنا أيضا أنّ ذكر المهر ليس من شرط صحة عقد الدوام.
ويجوز أن يكون منافع الحر مهرا ، مثل تعليم قرآن ، أو شعر مباح ، أو بناء ، أو خياطة ثوب ، وغير ذلك مما له أجرة ، لأنّ كلّ ذلك له أجر معيّن ، وقيمة مقدرة.
واستثنى بعض أصحابنا من جملة ذلك الإجارة إذا كانت معيّنة يعملها الزوج بنفسه ، قال : لأنّ ذلك كان مخصوصا بموسى عليهالسلام ، والوجه في ذلك أنّ الإجارة إذا كانت معيّنة لا تكون مضمونة ، بل إذا مات المستأجر لا تؤخذ من تركته ، ويستأجر لتمام العمل ، وإذا كانت في الذمة تؤخذ من تركته ،
__________________
(١) النهاية : كتاب النكاح ، باب المهور وما ينعقد به النكاح أول الباب.
(٢) المقنعة : أبواب النكاح ، باب المهور والأجور وما ينعقد به النكاح ص ٥٠٨.
(٣) الخلاف : كتاب الصداق : المسألة ١.
(٤) النساء : ٣.