التأخير في حال العقد ، فيكون على ما شرطا واتفقا عليه :
ويستحق المستأجر المنفعة على المؤجر ، حتّى أنّه صار أحقّ بها منه ، كما أنّ المؤجر أحقّ بالأجرة من المستأجر.
وليس لأحدهما فسخ عقد الإجارة بحال ، سواء كان لعذر أو لغير عذر ، فهي كالبيع في حال الفسخ ، لأنّ من اشترى شيئا ملك البائع الفسخ ، إذا كان الثمن معيّنا ووجد به عيبا ، وكذلك المشتري إذا وجد بالمبيع عيبا ولا يملك الفسخ بغير العيب ، وكذلك المؤجر ، إنّما يملك الفسخ إذا تعذّر استيفاء الحقّ منه ، لفلس أو لغيره ، وكذلك المستأجر إنّما يملك الفسخ إذا وجد بالمنافع عيبا ، مثل أن ينهدم الدار أو بعضها ، أو تغرق الأرض على ما قدّمناه في باب المزارعة ، وإجارة الأرض ، وليس لهما الفسخ لغير عذر.
فإذا ثبت جواز الإجارة فإنّها على ضربين ، أحدهما ما تكون المدّة معلومة ، والعمل مجهولا ، والثاني أن تكون المدّة مجهولة ، والعمل معلوما ، فما تكون المدّة معلومة والعمل مجهولا ، مثل أن يقول : آجرتك نفسي شهرا لابني ، أو أخيط ، فهذه مدة معلومة ، والعمل مجهول ، وما تكون المدة مجهولة والعمل معلوما ، فهو أن يقول : آجرتك نفسي لأخيط ثوبا معلوما ، ولأبني هذا البناء المعلوم ، فالمدة مجهولة والعمل معلوم.
فأمّا إذا كانت المدّة معلومة والعمل معلوما ، فلا يصحّ ، لأنّه إذا قال : استأجرتك اليوم لتخيط قميصي هذا ، فإنّ الإجارة هذه باطلة ، لأنّه ربما يخيط قبل مضي النهار ، فيبقى بعض المدّة المستحقّة بلا عمل ، وربما لم يفرغ منه بيوم ، ويحتاج إلى مدّة أخرى ، فيحصل العمل بلا مدّة.
والمعقود عليه عقد الإجارة ، يجب أن يكون معلوما ، وقد بيّنا أنّه يصير معلوما تارة بتقدير المدّة ، وتارة بتقدير العمل ، فأمّا المنافع فيتقدر منافعها التي يعقد عليها تارة بتقدير المدّة ، وتارة بتقدير العمل ، والعقار لا يتقدّر منفعته إلا بتقدير المدّة ، لأنّه لا عمل لها ، فيقدّر في نفسه.