مقالة بعض أصحابنا في ذلك ، حرّة كانت أو أمة ، بغير خلاف يعتدّ به ، وقوله تعالى ( وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) (١) يدلّ على ذلك ، ولا يعارض هذه الآية قوله تعالى ( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ) (٢) لأنّ آية وضع الحمل عامة في المطلّقة وغيرها ، وناسخة لما تقدّمها بلا خلاف ، يبيّن ذلك أنّ قوله سبحانه ( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ) في غير الحوامل ، لأنّه تعالى قال ( وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ ) (٣) ومن كانت مستبينة الحمل لا يقال فيها ذلك ، وإذا كانت خاصّة في غير الحوامل ، لم يعارض آية الحمل ، لأنّها عامّة في المطلّقة وغيرها.
وإن كانت حائلا ، فلا تخلو أن تكون ممّن تحيض ، أو لا تحيض.
فإن كانت ممّن تحيض ، فعدّتها إن كانت حرّة ثلاثة قروء بلا خلاف ، وإن كانت أمة فعدّتها قرءان بلا خلاف عندنا ، وعند باقي الفقهاء ، إلا من داود ، فإن عتقت في العدّة وكانت العدّة رجعية ، تممتها عدّة الحرّة. وإن كانت العدّة بائنة فلا يجب عليها تمام عدّة الحرة ، بل يجب عليها الخروج مما أخذت فيه من عدّة الأمة.
والقرء ـ بفتح القاف ـ عندنا هو الطهر بين الحيضتين.
وإن كانت لا تحيض ومثلها تحيض ، فعدّتها إن كانت حرّة ثلاثة أشهر بلا خلاف ، وإن كانت أمة فخمسة وأربعون يوما ، وإن كانت لا تحيض لصغر لم تبلغ تسع سنين ، أو لكبر بلغ خمسين سنة ، مع تغير عادتها ، وهما اللتان ليس في سنّهما من تحيض ، فقد اختلف أصحابنا في وجوب العدّة عليهما ، فمنهم من قال لا تجب ، ومنهم من قال تجب أن تعتد بالشهور ، وهي ثلاثة أشهر ، وهو اختيار السيد المرتضى ، وبه قال جميع المخالفين ، ويحتج بصحة ما ذهب إليه ، بأن قال :
طريقة الاحتياط تقتضي ذلك ، وأيضا قوله تعالى : ( وَاللّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ
__________________
(١) الطلاق : ٤.
(٢) و (٣) البقرة : ٢٢٨.