ضرعها ، وحلب لبنها ، أنّه لبن يومها ، لعادة لها ، وكذلك حكم البقرة والناقة ، ولا تصرية عندنا في غير ذلك ، فإذا أراد ردّها ، ردّ اللبن الذي احتلبه ، إن كان موجودا ، وإن كان هالكا معدوما ، ردّ مثله ، لأنّ اللبن له مثل ، ويضمن بالمثلية ، فإن أعوز المثل ، ردّ قيمة ما احتلب من لبنها ، بعد إسقاط ما أنفق عليها ، إلى أن عرف حالها.
وقال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه : عوض اللبن الذي يحلبه من المصراة ، إذا أراد ردّها ، صاع من تمر ، أو صاع من بر ، وإن أتى على قيمة الشاة ، واستدل على ذلك بإجماع الفرقة ، وأخبارهم (١).
قال محمّد بن إدريس : والأوّل هو الصحيح ، وإليه يذهب رحمهالله في نهايته (٢) ، وهو أيضا قول شيخنا المفيد في مقنعته (٣) وأصول المذهب دالة عليه ، فأمّا ما ذكره شيخنا في مسائل خلافه ، من دليله فعجيب ، من أجمع من أصحابنا على ذلك؟ وأيّ إجماع للفرقة على ما قاله؟ ولا لها خبر ورد بذلك ، وما وجدت لأصحابنا تصنيفا فيه ، ما ذهب إليه ولا قال من أصحابنا غيره رحمهمالله هذا القول ، وانّما هذا قول المخالفين ، نصره واختاره ، في كتابه مسائل خلافه.
وترد العبيد والإماء ، من أحداث السنة ، مثل الجذام ، والجنون ، والبرص ، ما بين وقت الشراء وبين السنة ، فإن ظهر بعد مضي السنة شيء من ذلك لم يكن له الرد على حال ، هذا الحكم ما لم يتصرف فيه ، فإن تصرّف في الرقيق في مدة السنة ، سقط الرد ، وحكم له بالأرش ، ما بين قيمته صحيحا ومعيبا.
وإلى هذا القول يذهب شيخنا المفيد ، محمّد بن محمد بن النعمان ، في مقنعته ، فإنّه قال : ويرد العبد والأمة من الجنون ، والجذام ، والبرص ، ما بين ابتياعهما وسنة واحدة ، ولا يردان بعد سنة ، وذلك أنّ أصل هذه الأمراض ،
__________________
(١) الخلاف : كتاب البيوع ، المسألة ١٦٩.
(٢) النهاية : كتاب التجارة ، باب العيوب الموجبة للردّ.
(٣) المقنعة : باب المتاجر ، باب العيوب الموجبة للردّ ص ٥٩٨.