ذلك حرام محظور ، غير مكروه ، بل هذا بعينه بيع الدين بالدين ، وانّما يورد أخبار آحاد بألفاظها ، وإن لم يكن عاملا بها ، ولا معتقدا لصحتها ، ولا يكون مناقضا لأقواله ، لأنّه قال بعده : ولا يجوز بيعه بدين آخر مثله ، وذلك أيضا دين.
ثم قال شيخنا : فإن وفي الذي عليه الدين ، المشتري ، وإلا رجع على من اشتراه منه بالدرك.
ثمّ قال : ومن باع الدين بأقل ممّا له على المدين ، لم يلزم المدين أكثر ممّا وزن المشتري من المال (١).
قال محمد بن إدريس : قوله رحمهالله ، ومن باع الدين بأقل مما له على المدين ، لم يلزم المدين أكثر ممّا وزن المشتري من المال ، طريف عجيب (٢) ، يضحك الثكلى ، وهو أنّه إذا كان الدين ذهبا ، كيف يجوز أن يبيعه بذهب أقل منه ، أو إن كان فضة ، فكيف يجوز أن يبيعه بفضة أقل منه أو إن كان ذهبا فباعه بفضّة ، أو فضّة فباعه بذهب ، كيف يجوز انفصالهما من مجلس البيع ، إلا بعد أن يتقابضا بالمبيع والثمن ، يقبض البائع الثمن والمشتري المثمن ، فإن هذا لا خلاف فيه بين طائفتنا ، بل لا خلاف فيه بين المسلمين.
وقوله : لم يلزم المدين أكثر ممّا وزن المشتري من المال.
قال محمد بن إدريس : إن كان البيع المشار إليه صحيحا ، لزم المدين تسليم ما عليه جميعه ، وهو المبيع إلى المشتري ، لأنّ هذا صار مالا من أمواله ، لأنّه اشتراه ، وقد يجوز أن يشتري الإنسان ما يساوي خمسين قنطارا ، بدينار واحد ، إذا كان البائع من أهل البصيرة والخبرة ، وانما هذه أخبار آحاد ، أوردها على ما وجدها إيرادا ، لا اعتقادا.
ولا يجوز أن يبيع الإنسان رزقه على السلطان ، قبل قبضه له ، لأنّ ذلك بيع
__________________
(١) النهاية : باب بيع الديون والأرزاق.
(٢) ل : ظريف عجيب.