صحيحا ، ولزمه ثمنه الذي كان أعطاه به ، ثمّ قال رحمهالله وإن أخذ من المبتاع متاعا آخر بقيمته في الحال ، لم يكن بذلك بأس (١).
والأول هو الصحيح الذي تقتضيه أصول المذهب ، لأنّ الله تعالى قال : « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا » وهذا بيع ، فمن منع منه يحتاج إلى دليل ، ولن يجده ، ولا نرجع عن الأدلة بأخبار الآحاد ، وما أورده وذكره شيخنا في نهايته ، خبر واحد ، أورده إيرادا ، لا اعتقادا.
وإذا باع شيئا إلى أجل ، وأحضر المبتاع الثمن ، قبل حلول الأجل ، كان البائع بالخيار ، بين قبض الثمن ، وبين تركه (٢) إلى حلول الأجل ، ويكون في ذمة المبتاع ، فإن حلّ الأجل ، وجاء المبتاع بالثمن ، ومكّنه منه ، ولم يقبض البائع ، ثم هلك الثمن ، كان من مال البائع ، دون المبتاع.
وكذلك إن اشترى شيئا إلى أجل ، وأحضر البائع المبيع قبل حلول الأجل ، كان المبتاع مخيّرا ، بين أخذه وتركه ، فإن هلك قبل حلول الأجل ، كان من مال البائع ، دون مال المبتاع ، فإن حلّ الأجل ، وأحضر البائع المتاع ، ومكّن المبتاع من قبضه ، فامتنع من قبضه ، ثمّ هلك المتاع ، كان من مال المبتاع ، دون مال البائع ، هكذا أورده شيخنا في نهايته (٣).
والأولى في المسألتين معا ، أنّه إذا امتنع الممتنع من قبض دينه ، وحقه ، وماله ، بعد حلوله ، واستحقاقه ، وتمكينه منه ، وأفراده ، أن يرفع أمره إلى الحاكم ، ويطالبه بقبضه ، أو إبرائه ممّا له عليه ، فإن لم يفعل ، ولم يجب إلى إحدى الخصلتين ، تسلّمه الحاكم ممن هو عليه ، وجعله في بيت المال ، ليحفظه على صاحبه ، ولا يجوز للحاكم أن يجبره على البراءة له ، ولا على قبضه ، لأنّ الحاكم منصوب للحق ، وإزالة الضرر غير المستحق ، ولا دليل على وجوب
__________________
(١) و (٣) النهاية : كتاب التجارة ، باب البيع بالنقد والنسيئة.
(٢) ج : وتركه