وقد قلنا إنّه لا يجوز أن يتّجر لنفسه في ذلك المال ، بحال من الأحوال.
ومتى كان لليتامى على إنسان مال ، جاز لوليّهم أن يصالحه على شيء ، يراه صلاحا في الحال ، ويأخذ الباقي ، وتبرأ ذمة من كان عليه المال.
قال محمّد بن إدريس : أمّا الوليّ ، فجائز له مصالحة ذلك الغريم ، إذا رأى ذلك صلاحا للأيتام ، لأنّه ناظر في مصلحتهم ، وهذا من ذاك ، إذا كان لهم فيه صلاح ، فأمّا من عليه المال ، فإنّ ذمته لا تبرأ ، إن كان جاحدا مانعا ، وبذل دون الحق ، وأنكر الحق ، ثم صالحه الوليّ ، على ما أقرّ له به ، أو أقرّ بالجميع ، وصالحه على بعض فلا تبرأ ذمته من ذلك ، ولا يجوز للوليّ إسقاط شيء منه بحال ، لأنّ الولي لا يجوز له إسقاط شيء من مال اليتيم ، لأنّه نصب لمصالحه واستيفاء حقوقه ، لا لإسقاطها ، فيحمل ما ورد من الأخبار (١) ، وما ذكره بعض أصحابنا ، وأودعه كتابه على ما قلناه ، وحررناه أولا ، من أنّه إذا رأى الصلاح ، الوليّ في مصالحة الغريم ، فيما فيه لليتيم الحظ ، فجائز له ذلك ، ولا يجوز فيما عداه ، مما ليس له الحظ فيه ، والصلاح.
وإذا كان للإنسان على غيره مال ، ومات ، جاز لمن عليه الدين ، أن يوصله إلى ورثته ، وإن لم يذكر لهم ، أنّه كان عليه دينا ، ويجعل ذلك على جهة الصلة لهم ، والجائزة ، ويكون فيما بينه وبين الله تعالى ، غرضه فكاك رقبته ، مما عليه.
والمتولي للنفقة على اليتامى ينبغي أن يثبت على كل واحد منهم ما يلزمه عليه ، من كسوته بقدر ما يحتاج إليه فأمّا المأكول والمشروب ، فيجوز أن يسوي بينهم ، على ما رواه (٢) أصحابنا ، لأنّ ذلك متقارب غير متفاوت.
ومتى أراد مخالطتهم بنفسه وأولاده ، جعله كواحد من أولاده ، وينفق من
__________________
(١) الوسائل : الباب ٧٢ من أبواب ما يكتسب به ، وكذلك الباب ٧٥ من تلك الأبواب.
(٢) الوسائل الباب ٧٣ من أبواب ما يكتسب به.