إلا أنّه رجع عن ذلك في استبصاره (١) ، وهو الحق اليقين ، لأنّا قد بيّنا ، أنّه إذا اختلف الجنس ، فلا بأس ببيعه متفاضلا ، ومتماثلا نقدا ، ونسيئة ، إلا ما خرج بدليل ، من الذهب والفضة ، فإنّه لا يجوز بيعهما نسيئة.
ولا يجوز التفاضل في الأدهان ، إذا كان الأصل يرجع إلى جنس واحد ، مثل أن يباع الشيرج بالشيرج ، الذي فيه البنفسج ، فإنّه يسمّى دهن البنفسج ، أو دهن الورد ، وما أشبه ذلك ، ممّا كان الأصل فيه دهن الشيرج.
ولا يجوز بيع السمسم بالشيرج ، ولا بزر (٢) الكتان بدهنه ، بل ينبغي أن يقوّم كل واحد منهما ، على انفراده.
ولا يجوز بيع البسر بالتمر ، متفاضلا ، ويجوز متماثلا ، لأنّهما جنس واحد ، بغير خلاف ، فلو كان التعليل في المنع ، من جواز بيع الرطب بالتمر صحيحا ، لما جاز بيع البسر بالتمر ، مثلا بمثل ، ولا خلاف بين أصحابنا في ذلك ، من أنّه لا يجوز بيع البسر بالتمر متفاضلا ، وإن اختلف جنسه ، ولا بيع نوع من تمر بأكثر منه ، من غير ذلك ، لأنّ ما يكون من النخل ، في حكم النوع الواحد ، بغير خلاف بين أصحابنا.
وحكم الزبيب ، وتحريم التفاضل فيه ، وإن اختلف جنسه ، مثل التمر سواء ، لأنّ جميعه في حكم الجنس الواحد ، ولا يجوز بيع الدبس المعمول من التمر ، بالتمر متفاضلا ، ولا بأس ببيعه مثلا بمثل يدا ، ولا يجوز نسيئة.
ولا بأس ببيع التمر بالزبيب متفاضلا ، نقدا ونسيئة ، إلّا أنّه روى كراهة بيعه نسيئة وقال شيخنا أبو جعفر ، في نهايته : ولا يجوز نسيئة.
وقد قلنا ما عندنا في أمثال ذلك ، من أنّه إذا اختلف الجنس ، فلا بأس ببيعه متفاضلا ، ومتماثلا ، نقدا ونسيئة ، لما دللنا عليه من قبل.
__________________
(١) الاستبصار : ج ٣ ، كتاب البيوع ، باب اسلاف السمن بالزيت ، فراجع كلامه قدسسره.
(٢) البزر ـ بالكسر ـ كل حب يبذر للثبات.