وقال شيخنا في نهايته : ولا يجوز بيع شيء من الكلاب ، إلا كلب الصيد خاصة ، فإنّه لا بأس ببيعه ، والانتفاع بثمنه (١).
وقد قلنا فيما تقدّم من كتابنا هذا ، أنّ بيع كلب الزرع ، وكلب الحائط ، وكلب الماشية أيضا جائز ، ودليلنا على موافقة شيخنا في غير كتاب النهاية ، وإنّما أورد في النهاية ألفاظ الأحاديث ، إيرادا ، آحادا ومتواترة ، ولم يحرر فيها شيئا ، كما اعتذر به لنفسه ، في خطبة مبسوطة.
وأهل الذمّة سواء كانوا يهودا أو نصارى أو مجوسا ، إذا باعوا ما لا يجوز للمسلم بيعه ، من الخمر ، والخنزير ، وغير ذلك ، ثمّ أسلم كان له المطالبة بالثمن ، وكان حلالا له ، وإذا أسلم وفي ملكه شيء من ذلك ، لم يجز له بيعه على حال.
وقد روي (٢) أنّه إذا كان عليه دين ، جاز أن يتولّى بيع ذلك غيره ، ممن ليس بمسلم ، ويقضي بذلك دينه ، ولا يجوز له أن يتولاه بنفسه ، ولا أن يتولّى عنه غيره من المسلمين.
والذي يقتضيه أصول مذهبنا ، ترك العمل بهذه الرواية الضعيفة ، لأنّها مخالفة للأدلّة القاهرة ، وهو أنّ ثمن الخمر حرام على المسلمين ، ولأنّها عندنا غير مملوكة ، ولا يجوز قضاء الدين بمال حرام ، وأيضا فيد الوكيل يد موكله.
ومن غصب من غيره مالا ، ويشتري به جارية ، كان الفرج له حلالا ، وعليه وزر المال ، ولا يجوز له أن يحجّ به ، فإن حجّ به ، لم يجزه عن حجة الإسلام ، هكذا روي في بعض الأخبار (٣) ، وأورده شيخنا أبو جعفر في نهايته (٤).
والذي أقوله في ذلك ، أنّه إن كان اشترى الجارية بعين المال المغصوب ، فالشراء باطل ، ولا يجوز له وطء هذه الجارية ، ولا يصحّ له التصرّف فيها بحال ،
__________________
(١) و (٢) النهاية : كتاب التجارة ، باب بيع الغرر والمجازفة.
(٢) الوسائل : الباب ٥٧ من أبواب ما يكتسب به ، ح ٢.
(٣) الوسائل : الباب ٣ من أبواب ما يكتسب به ، ح ٢.