فأوجبت السنّة إبطال طلاق الثلاث.
وأمّا إجماع الأمّة فإنّهم مطبقون على أنّ كلّ ما خالف القرآن والسنّة فهو باطل ، وقد تقدّم وصف خلاف الطلاق الثلاث للقرآن والسنّة ، فحصل الإجماع على إبطاله.
وأمّا قول أمير المؤمنين عليهالسلام ، فإنّه قد تظاهر عنه الخبر المستفيض أنّه قال : « إيّاكم والمطلّقات ثلاثا في مجلس واحد ، فإنّهنّ ذوات الأزواج » (١).
وأمّا قول ابن عباس رحمهالله ، فإنّه كان يقول : الا تعجبون من قوم يحلون المرأة لرجل واحد وهي تحرم عليه ، ويحرّمونها على آخر وهي حلال له ، فقالوا : يا ابن عباس ومن هؤلاء القوم؟ فقال : هم الذين يقولون للمطلّق ثلاثا في مجلس واحد ، قد حرمت عليك امرأتك.
وأمّا قول عمر بن الخطاب ، فلا خلاف أنّه رفع إليه رجل قد طلّق امرأته ثلاثا ، فأوجع ظهره وردّها عليه ، وبعد ذلك رفع إليه رجل قد طلّق كالأول ، فأبانها منه ، فقيل له في اختلاف حكمه في الرجلين ، فقال : قد أردت أن أحمله على كتاب الله عزوجل ، فخشيت أن يتتايع فيه السكران والغيران ، فاعترف بأنّ المطلقة ثلاثا تردّ إلى واحدة على حكم الكتاب ، وأنّه انّما أبانها منه بالرأي والاستحسان ، فعملنا من قوله على ما وافق القرآن ، ورغبنا عمّا ذهب إليه من جهد الرأي والاستحسان.
على أنّه لا خلاف بين أهل اللسان العربي وأهل الإسلام ، أنّ المصلّي لو قال في ركوعه : سبحان ربي العظيم فقط ، ثمّ قال في عقيبه : ثلاثا ، لم يكن مسبحا ثلاثا ، ولو قرأ الحمد مرّة ، ثمّ قال في آخرها بلفظه : عشرا لم يكن قارئا لها عشرا.
__________________
(١) مستدرك الوسائل : الباب ٢٢ من أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه ح ٩ ، وفيه : فإنهن ذوات بعول.