يقول بعقبها : (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) (١).
وعجبت لمن اغتمّ كيف لا يفزع إلى قوله : (لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) (٢). فإنّي سمعت الله سبحانه يقول معها : (فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) (٣).
وعجبت لمن مكر به كيف لا يفزع إلى قوله : (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) (٤) فإنّي سمعت الله سبحانه يعقّبها : (فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا) (٥).
وعجبت لمن أراد الدنيا وزينتها كيف لا يفزع إلى قوله : (ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ). فإنّي سمعت الله تعالى يعقّبها : (فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ). و «عسى» موجبة».
(إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً) يحتمل أن يكون «أنا» فصلا ، وأن يكون تأكيدا للمفعول الأوّل. وقرئ : أقلّ بالرفع ، على أنّه خبر «أنا» ، والجملة مفعول ثان لـ «ترن».
وفي قوله : «وولدا» دليل لمن فسّر النفر بالأولاد.
وجواب الشرط قوله : (فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ) في الدنيا أو في الآخرة ، لإيماني. والمعنى : إن ترني أفقر منك ، فأنا أتوقّع من صنع الله أن يقلّب ما بي وما بك من الفقر والغنى ، فيرزقني لإيماني جنّة خيرا من جنّتك.
(وَيُرْسِلَ عَلَيْها) على جنّتك ، لكفرك وكفرانك (حُسْباناً مِنَ السَّماءِ) مرامي (٦) ، جمع حسبانة ، وهي الصواعق. وقيل : هو مصدر ، كالغفران والبطلان ، بمعنى الحساب. والمعنى : مقدارا قدّره الله وحسبه ، وهو الحكم بتخريبها. وقال الزّجاج : عذاب حسبان أي : حساب ما كسبت يداك من الأعمال السيّئة. (فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً) أرضا
__________________
(١) آل عمران : ١٧٤.(٢ ، ٣) الأنبياء : ٨٧ ـ ٨٨. (٤ ، ٥) غافر : ٤٤ ـ ٤٥.
(٦) أصل الحسبان : السهام التي ترمى لتجري في طلق واحد.