(وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) وهو ما يقتضيه الإيمان (فَلَهُ) في الدارين (جَزاءً الْحُسْنى) الفعلة الحسنة. و «أمّا» للتقسيم دون التخيير ، أي : ليكن شأنك معهم إمّا التعذيب وإمّا الإحسان ، فالأوّل لمن أصرّ على الكفر ، والثاني لمن تاب عنه.
وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب وحفص : جزاء ، منوّنا منصوبا على الحال ، أي : فله المثوبة الحسنى مجزيّا بها ، أو على المصدر لفعله المقدّر حالا ، أي : يجزى بها جزاء.
ونداء الله إيّاه إن كان نبيّا فبوحي ، وإن كان غيره فبإلهام أو على لسان نبيّ.
(وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا) ممّا نأمر به (يُسْراً) سهلا ميسّرا غير شاقّ. وتقديره : ذا يسر. أي : لا نأمره بالصعب الشاقّ ، بل بالسهل المتيسّر ، من الزكاة والخراج وغير ذلك.
(ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً) ثمّ أتبع طريقا يوصله إلى المشرق (حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ) يعني : الموضع الّذي تطلع الشمس عليه أوّلا من معمورة الأرض (وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً) من جنس اللباس والبناء ، فإنّ أرضهم لا تمسك الأبنية. وعن أحدهما عليهماالسلام قال : «لم يعلموا صنعة البيوت».
وقيل : لأنّهم اتّخذوا الأسراب (١) بدل الأبنية ، فإذا ارتفع النهار خرجوا إلى معايشهم.
وعن بعض الثقات : خرجت حتّى جاوزت الصين ، فسألت عن هؤلاء ، فقيل : بينك وبينهم مسيرة يوم وليلة. فبلغتهم فإذا أحدهم يفرش أذنه ويلبس الاخرى ، ومعي صاحب يعرف لسانهم. فقالوا له : جئتنا تنظر كيف تطلع الشمس؟ قال : فبينا نحن كذلك إذ سمعنا كهيئة الصلصلة (٢) ، فغشي عليّ ، ثمّ أفقت وهم يمسحونني بالدهن ، فلمّا طلعت الشمس على الماء إذا هي فوق الماء كهيئة الزيت. فأدخلونا سربا لهم ، فلمّا ارتفع النهار خرجوا إلى البحر ، فجعلوا يصطادون السمك ويطرحونه في الشمس فينضج لهم.
__________________
(١) السرب : الحفير تحت الأرض. وجمعه : أسراب.
(٢) صلصل الحليّ أو اللجام : صوّت.