معمول واحد أولى ، إذ لو كان «قطرا» مفعول «آتوني» لأضمر مفعول «أفرغ» حذرا من الالتباس. وقرأ حمزة وأبو بكر : قال ائتوني موصولة الألف.
وقيل : حفر للأساس حتّى بلغ الماء ، وجعل الأساس من الصخر والنحاس المذاب ، والبنيان من زبر الحديد بينها الحطب والفحم ، حتّى سدّ ما بين الجبلين إلى أعلاهما ، ثم وضع المنافيخ حتّى صارت كالنار ، فصبّ النحاس المذاب على الحديد المحمى ، فاختلط والتصق بعضه ببعض ، وصار جبلا صلدا.
وقيل : بعد ما بين السدّين مائة فرسخ ، ومقدار ارتفاع السدّ مائتا ذراع ، وعرض الحائط نحو من خمسين ذراعا.
قيل : بناه من الصخور مرتبطا بعضها ببعض ، بكلاليب من حديد ونحاس مذاب في تجاويفها.
وعن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنّ رجلا أخبره به ، فقال : كيف رأيته؟ قال : كالبرد المحبّر ، طريقة سوداء وطريقة حمراء ، قال : قد رأيته».
(فَمَا اسْطاعُوا) بحذف التاء حذرا من تلاقي متقاربين. وقرأ حمزة بالإدغام ، جامعا بين الساكنين على غير حدّه. (أَنْ يَظْهَرُوهُ) أن يعلوه بالصعود ، لارتفاعه وانملاسه (وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً) لثخنه وصلابته.
(قالَ هذا) هذا السدّ ، أو الإقدار والتمكين على تسويته (رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي) على عباده (فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي) فإذا دنا وقت وعده بخروج يأجوج ومأجوج ، أو بقيام الساعة ، بأن شارف يوم القيامة (جَعَلَهُ دَكَّاءَ) مدكوكا مبسوطا مسوّى بالأرض. مصدر بمعنى المفعول. ومنه : جمل أدكّ لمنبسط السنام. وقرأ الكوفيّون : دكّاء بالمدّ ، أي : أرضا مستوية. (وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا) كائنا لا محالة. وإنّما يكون ذلك بعد قتل عيسى بن مريم الدجّال.
وجاء في الحديث : «أنّهم يدأبون في حفره نهارهم ، حتّى إذا أمسوا وكادوا